صفحة رقم ٧٨
جهات تلقي الفطرة والعهد الموثق وحسن الرعاية، لأن الفسق خروج عن محيط كالكمام للثمرة والجحر للفأرة - انتهى.
ثم بينهم بقوله :( الذين ينقضون ( من النقض وهو حل أجزاء الشيء بعضها عن بعض ) عهد الله ) أي الذي أخذه عليهم على ما له من العظمة بما ركز فيهم من العقول ونصب لهم من الدلائل والعهد التقدم في الأمر - قاله الحرالي.
ولما كان المراد عهداً خاصاً وهو إرسال الرسل عليهم السلام أثبت الخبر فقال :( من بعد ميثاقه ) أي بدلالة الكتب على ألسنة الرسل مع تقريبه من الفطر وتسهيله للنظر، والوثاق شدة الربط وقوة ما به يربط - قاله الحرالي ) ويقطعون ما أمر الله ) أي الملك الأعظم، ولما كان البيان بعد الإجمال أروع للنفس قال :( به ( ثم فسره بقوله :( أن يوصل ) أي من الخيرات، قال الحرالي : والقطع الإبانة في الشيء الواحد والوصل مصيراً لتكملة مع المكمل شيئاً واحداً كالذي يشاهد في إيصال الماء ونحوه وهو إعلام بأنهم يقطعون متصل الفطرة ونحوها فيسقطون عن مستواها وقد أمر الله أن يوصل بمزيد علم يتصل بها حتى يصل نشؤها إلى أتم ما تنتهي إليه، وكذلك حالهم في كل أمر يجب أن يوصل فيأتون فيما يطلب فيه الأمر الأكمل بضده الأنقص - انتهى.
) ويفسدون ( ولما قصر الفعل ليكون أعم قال :( في الأرض ) أي بالنكوب عن طريق الحق.
قال الحرالي : ولما كانت الأرض موضوعة للنشئ منها وفيها وموضع ظهور عامة الصور الرابية اللازمة الجسمية ومحل تنشؤ صورة النفس بالأعمال والأخلاق وكان الإفساد نقض الصور كما قال تعالى :
٧٧ ( ) وإذا تولّى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ( ) ٧
[ البقرة : ٢٠٥ ] كان فعلهم فيها من نحو فعلهم في وضع الضد السيء موضع ضده الأكمل والتقصير بما شأنه التكملة فكان إفساداً لذلك - انتهى.
ولما كان كأنه قيل : إن فعل هؤلاء لقبيح جداً فما حالهم ؟ قال :( أولئك ) أي الأباعد من الصواب ) هم الخاسرون ) أي الذين قصروا الخسران عليهم، والخسارة النقص فيما شأنه النماء - قاله الحرالي، ومن المعلوم أن هذا نتيجة ما مضى من