صفحة رقم ٨١
الذكر وأعقب بالحياة حيث استغرقتهما كلمة ( أل ) في قوله :
٧٧ ( ) خلق الموت والحياة ( ) ٧
[ الملك : ٢ ] وثبت الخطاب على إقرار الحياة والكمال، كما ورد عنه ( ﷺ ) في قوله :( نعيم الجنة لا آخر له ) فوجب بظاهر ما أحسه الكفار وباطن ما اقتضاه هذا النحو من العلم دونه انتشار حياة ثانية بعد ميتة الدنيا - انتهى.
ولما كان على البعث والحشر من الأدلة ما جعلهما كالمحسوسين عدهما في حيز المعلوم لهم كالإحياء الأول والموت فقال :( ثم يحييكم ( فينشركم بعد طيكم ويبعثكم بعد حبسكم في البرزخ، فتكونون كما كنتم أول مرة ذوي قدرة على الانتشار بتلك القدرة التي ابتدأكم بها وأماتكم، وهذا لا ينفي أن يكون لهم في البرزخ إحساس بدون هذه الهيئة الكاملة، ) ثم إليه ترجعون ( فيحشركم بعد طول الوقوف للجزاء من الثواب والعقاب ؛ وفي هذا كما قال الحرالي : إعلام بأنهم إن لم يرجعوا إلى الله سبحانه بداعي العلم في الدنيا فبعد مهل من الإحياء الثاني يرجعون إليه قهراً حيث يشاهدون انقطاع أسبابهم ممن تعلقوا به ويتبرأ منهم ما عبدوه من دون الله، وإنما جاء هذا المهل بعد البعث لما يبقى لهم من الطمع في شركائهم حيث يدعونهم فلم يستجيبوا لهم، فحينئذ يضطرهم انقطاع أسبابهم إلى الرجوع إلى الله فيرجعون قسراً وسوقاً فحينئذ يجزيهم بما كسبوا في دنياهم، كما قال تعالى في خطاب يعم كافة أهل الجزاء
٧٧ ( ) واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ( ) ٧
[ البقرة : ٢٨١ ] وهذا آخر خطاب الإقبال عليهم من دعوة الله لهم ولسان النكير عليهم، ولذلك كانت آية :
٧٧ ( ) واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ( ) ٧
[ البقرة : ٢٨١ ] آخر آية أنزلت في القرآن، لأنها نهاية ليس وراءه قول يعم أهل الجزاء ؛ والرجع عود الشيء عند انتهاء غايته إلى مبدئها - انتهى.
ولما أجمل سبحانه في أول هذه الآية أول أمرهم وأوسطه وآخره على الوجه الذي تقدم أنه منبه على أن الكفر ينبغي أن يكون من قبيل الممتنع لما عليه من باهر الأدلة شرع يفصله على وجه داع لهم إلى جنابه بالامتنان بأنواع الإحسان بأمر أعلى في إفادة


الصفحة التالية
Icon