صفحة رقم ٨٤
معانيه الإنكار ذاكراً الاسم الأعظم الذي هو أعلى الأسماء وأبطنها غيباً والضمير الذي ( هو ) أبطن منه، وأتبعه بعض ما هم له منكرون أو به جاهلون، وأشار بقوله :( لكم ) مثبتة فيما هو ظاهر عندهم ومحذوفة مما هو خفي عنهم، كما نبه عليه في الاحتباك إلى أنه لم يخلق هذا النوع البشري للفناء بل للبقاء بما أبان عن أنه إنما خلق جميع ما في هذه الأكوان لأجلهم، فالبعض رزق لهم والبعض أسباب له، والبعض أسجدهم لأبيهم وهم في صلبه ووكلهم بهم في حفظ أعمالهم وقسم أرزاقهم ونفخ أرواحهم وغير ذلك من تربيتهم وإصلاحهم ؛ لم يكونوا أهلاً لفهم هذا الخطاب حق فهمه تلقياً عن الله لعلوه سبحانه وعلو هذا الخطاب بالأسماء الباطنة وما نظم بها من المعاني اللائقة بها علواً وغيباً فأعلم سبحانه بعطف ( إذ ) على غير ظاهر أنه معطوف على نحو : اذكر لهم أيها الرسول هذا، لأنه لا يفهمه حق فهمه عنا سواك، وهم إلى الفهم عنك أقرب ( وإذ ) أي واذكر ما اتفق إذ، وحذف هذا المعطوف عليه لاحتمال المأمور بذكره الإنكار والسياق لإيراد الرفق والبشارة على لسانه ( ﷺ ) استعطافاً لهم إليه وتحبيباً فيه وفي حذفه أيضاً والدلالة عليها بالعاطف حث على تدبر ما قبله تنبيهاً على جلالة مقداره ودقة أسراره، ولما علمت الإشارة لكن لأهل البصارة أتبعها قصة آدم عليه السلام دليلاً ظاهراً ومثالاً بيناً لخلاصة ما أريد بهذه الجمل مما نبه عليه بالعاطف من أن النوع الآدمي هو المقصود بالذات من هذا الوجود، وأنه لا يجوز في الحكمة أن يترك بعد موته من غير إحياء يرد به إلى دار لا يكون في شيء من أمورها من أحد نوع من الخلل وتكون الحكمة فيها ظاهرة جداً لا خفاء بها أصلاً.
فيظهر الحمد أتم ظهور ؛ ولذلك ذكر تفضيل آدم عليه السلام بالعلم، ثم بإسجاد الملائكة له، ثم بإسكانه الجنة، ثم بتلقي أسباب التوبة عند صدور الهفوة ؛ وقد روى البيهقي في أواخر الدلائل والحارث بن أبي أسامة والحاكم في المستدرك عن بشر بن شغاف عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال :( إن أكرم خليقة الله على الله أبو القاسم ( ﷺ )، قلت : رحمك الله فأين الملائكة ؟ فنظر أليّ وضحك فقال : يا ابن أخي وهل تدري ما الملائكة ؟ إنما الملائكة خلق كخلق الأرض وخلق السماء وخلق السحاب وخلق الجبال وخلق الرياح وسائر الخلائق التي لا تعصي الله شيئاً، وإن أكرم الخلائق على الله أبو القاسم ( ﷺ ) ) وقال البيهقي : إنه ليس بموقوف بل