صفحة رقم ٨٧
والإقصاء توطئة لقبيح ما يقع من بعضهم من اتباع خطوات الشيطان ؛ وذلك لأن في كل آية معنى تنتظم به بما قبلها ومعنى تتهيأ به للانتظام بما بعدها ؛ وبذلك كان انتظام الآي داخلاً في معنى الإعجاز الذي لا يأتي الخلق بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
) إني ( إن حرف يفهم توكيداً من ذات نفس المؤكد وعلمه.
والياء اسم عليّ يخص المضيف إلى نفسه الذي يضيف الأشياء إليه، ) جاعل في الأرض ( ولما كانت خلافة آدم عليه السلام كاملة في جميع الأرض بنفسه وبذريته وحّد لذلك مع أنه يصح أن يراد به الجنس فقال :( خليفة ( الخليفة ذات قائم بما يقوم به المستخلف على حسب رتبة ذلك الخليفة منه، فهو خليقة الله في كونه مُلكه وملكوته، وهم أيضاً بعضهم خلفاء بعض ؛ فهو خليفة بالمعنيين - انتهى.
وجعل سبحانه هذا التذكير في سياق داع غلى ع بادته وقائد إلى محبته حيث متّ إلى هذا النوع الآدمي بنعمه عليهم وإحسانه إليهم قبل إيجادهم، فذكر لهم ما حاجّ به ملائكته عنهم، وما شرف به أباهم آدم من العلم وأمر الملائكة المقربين بالسجود له، ثم ما وقع لإبليس معه وهماعبدان من عبيده فتاب عليه ولم يتب على إبليس مع سبقه له بالعبادة بل أوجب طرده وأبّد بعده فقال تعالى حكاية عن الملائكة جواباً لسؤال من كأنه قال ما قالوا حين أخبرهم سبحانه بذلك :( قالوا ( طالبين الإيقان على الحكمة في إيجاد من يقع منه شر ) أتجعل فيها ) أي في الأرض ) من يفسد فيها ) أي بأنواع المعاصي بالقوة الشهوانية، ) ويسفك ( من السفك، قال الحرالي : وهو سكب بسطوة ) الدماء ) أي بغير حقها بالقوة الغضبية، لعدم عصمتهم، وخلقهم جوفاً لا يتمالكون، وأصحاب شهوات عليها يتهالكون ؛ وكأنهم لما رأوا صورة آدم تفرسوا فيها ذلك لو سألوا عن منافع أعضائه وما أودع فيها من القوى والمعاني أخبرهم تعالى بما تفرسوا منه ذلك والدم.
قال الحرالي : رزق البدن الأقرب إليه المحوط فيه ) ونحن ) أي والحال إنا نحن، وهذا الضمير كما قال الحرالي : اسم القائل المستتبع لمن هو في طوع أمره لا يخالفه ) نسبح ) أي نوقع التسبيح أي التنزيه لك والإبعاد عما لا يليق بك ملتبسين في


الصفحة التالية
Icon