صفحة رقم ٩٠
بين تلك الأسماء التي هي حظ من الذوات وبين تسمياتها من النطق ليجتمع في علمه خلق كل شيء صورة وأمره كلمة فيكمل علمه في قبله على سبيل سمعه وبصره، واستخلفه في علم ما له من الخلق والأمر، وذلك في بدء كونه فكيف يحكم حكمة الله فيما يتناهى إليه كمال خلقه إلى خاتمة أمره فيما انتهى إليه أمر محمد ( ﷺ ) مما هو مبهم في قوله تعالى :
٧٧ ( ) وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً ( ) ٧
[ النساء : ١١٣ ] فأبدى الله عز وجل لهم بذلك وجه خلافة علمية وعملية في التسمية إعلاء له عندهم، وقد جعلهم الله عز وجل مذعنين مطيعين فانقادوا للوقت بفضل آدم على جميع الخلق وبدا لهم علم أن الله يعلي من يشاء بما يشاء من خلافة أمره وخلقه، وتلك الأسماء التي هي حظوظ من صور الموجودات هي المعروضة التي شملها اسم الضمير في قوله تعالى ) ثم عرضهم ( وأشار إليه ( هؤلاء ) عند كمال عرضهم، وأجرى على الجميع ضمير ( هم ) لاشتمال تلك الكائنات على العاقلين وغيرهم ؛ وبالتحقيق فكل خلق ناطق حين يستنطقه الحق، كما قال تعالى
٧٧ ( ) اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم ( ) ٧
[ يس : ٦٥ ] وإنما العجمة والجمادية بالإضافة إلى ما بين بعض الخلق وبعضهم - انتهى.
وقال أبو حاتم أحمد بن حمدان الرازي في كتاب الزينة : ويقال إن الاسم مأخوذ من السمو وهو العلو والرفعة، وإنما جعل الاسم تنويهاً بالدلالة على معنى الاسم لأن المعنى تحت الاسم - هذا قول النحويين ؛ واسمة تدل على صاحبها، لأنهما حرفان سين وميم، فالسين من السناء والميم من المجد وهو لب الشيء، فكأنه سمى اسماً لأنه يضيء لك عن لب الشيء ويترجم عن مكنونه، وليس شيء إلا وقد وسمه الله بسمة تدل على ما فيه من الجوهر ؛ فاحتوت الأسماء على جميع العلم بالأشياء، فعلمها الله آدم وأبرز فضيلته على الملائكة عليهم السلام - انتهى.
) فقال ( معجزاً لهم ) أنبئوني ) أي أخبروني إخباراً عظيماً قاطعاً ) بأسماء هؤلاء ) أي الموجودات بتفرسكم فيها ) إن كنتم صادقين ) أي فيما تفرستموه في الأول هي الحظوظ من الذوات التي المتسم بها هو المسمى، ومع ذلك فبين التسمية والاسم مناسبة مجعول الحكمة بينهما بمقتضى أمر العليم الحكيم - انتهى.
) قالوا ( متبرئين من العلم ) سبحانك ) أي ننزهك تنزيهاً يجل عن الوصف عن أن ننسب إليك نقصاً في علم أو صنع، ونتبرأ إليك مما يلزم قولنا من ادعاء العلم لسواك.
قال الحرالي : وفي هذا المعنى إظهار لفضلهم وانقيادهم وإذعانهم توطئة لما


الصفحة التالية
Icon