صفحة رقم ٩١
يتصل به من إباء أبليس - انتهى.
والحاصل أنه تصريح بتنزيه الله تعالى عن النقص وتلويح بنسبته إليهم اعتذاراً منهم عما وقعوا فيه، ولذا قالوا :( لا علم لنا ) أي أصلاً ) إلا ما علمتنا ( فهو دليل على أنه لا سبيل إلى علم شيء من الأشياء إلا بتعليم الله.
قال الحرالي : رداً لبدء الأمر لمن له البدء، ولذلك ورد في أثارة من علم : من لم يختم علمه بالجهل لم يعلم، وذلك الجهل هو البراءة من العلم إلا ما علم الله - انتهى.
ثم خصوه بما نفوه عن أنفسهم فقالوا :( إنك أنت ) أي وحدك ) العليم ) أي العالم بكل المعلومات ) الحكيم ) أي فلا يتطرق إلى صنعك فساد بوجه فلا اعتراض أصلاً.
قال الحرالي : توكيد وتخليص وإخلاص للعلم والحكمة لله وحده، وذلك من أرفع الإسلام، لأنه إسلام القلوب ما حلاها الحق سبحانه به فإن العلم والحكمة نور القلوب الذي تحيا به كما أن الماء رزق الأبدان الذي تحيا به فإن العلم والحكمة نور القلوب الذي تحيا به كما أن الماء رزق الأبدان الذي تحيا به ؛ والحكمة جعل تسبيب بين أمرين يبدو بينهما تقاض من السابق واستناد من اللاحق - انتهى.
وأصلها في اللغة المنع من الفساد ولا يكون ذلك إلا عن تمام العلم.
فلما قالوا ذلك وأراد إشهادهم فضل آدم عليه السلام استأنف في جواب من كأنه قال : ما قال لهم عند ذلك ؟ قوله :( قال ( مظهراً لفضيلة العلم الموجبة لشرف العالم ) يا آدم أنبئهم ) أي ليزدادوا بصيرة في أن العالم من علّمته والسعيد من أسعدته في أي صورة ركبته ) بأسمائهم ( فأنبأهم بها.
قال الحرالي : ولم يقل : علمهم، فكان آدم عليماً بالأسماء وكانوا هم مخبرين بها لا معلميها، لأنه لا يتعلمها من آدم إلا من خلقه محيط كخلق آدم، ليكون من كل شيء ومنه كل شيء، فإذا عرض عليه شيء مما منه آنس علمه عنده ؛ لفذلك اختصوا بالإنباء دون التعليم، فلكل شيء عند آدم عليه السلام بما علمه الله وأظهر له علاماته في استبصاره والشيء اسمان جامعان : اسم بيصّره من موجود الشيء واسم يذكره لإبداء معنى ذلك الشيء إلى غاية حقيقته، ولكل اسم جامع عنده وجوه متعددة يحاذي كلَّ وجه منها بتسمية تخصه، وبحسب تلك الوجوه تكثرت عنده الألسنة وتكثرت الألسن الأعجمية، فأفصحها وأعربها الاسم الجامع وذلك الاسم هو العربي الذي به أنزل خاتم الكتب على خاتم المرسلين وأبقى دائماً في مخاطبة أهل الجنة لمطابقة الخاتمة إحاطة البادئة
٧٧ ( ) حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ( ) ٧
[ الزخرف : ١، ٤ ] وطابق الختم البدء إحاطة لإحاطة - انتهى.
وهذا كما كان ولده محمد خاتم النبيين ( ﷺ ) يكلم كل إنسان بلغته من قبائل العرب ومن العجم بل ومن البهائم العجم لكان علمه لبعض اللغات من غير مخالطة لأهها ولا إلمام بلسانهم دليلاً على علم سائر اللغات، لأنه لا معلم له إلا


الصفحة التالية
Icon