صفحة رقم ١٠٢
خلقتك في الرحم وأعنتك، ثم قال : هكذا يقول : يقول الرب : أنا الذي جبلتك في الرحم وخلصتك وأعنتك، أنا الذي خلقت الكل، وأنا الذي مددت السماء وحدي، وأنا الذي ثبتّ الأرض، أنا الذي أبطل آيات العرافين، وأصير كل تعريفهم جهلاً، وأرد الحكماء إلى خلفهم، وأعرف أعمالهم للناس، وأثبت كلمة عبيدي، وأتمم قول رسلي ؛ ثم قال : أنا الرب الذي خلقت هذه الأشياء، الويل للذي يخاصم خالقه ولا يعلم أنه من خزف الطين لعل الطين يقول للفاخوري : لماذا تصنعني ؟ أو لعله يقول له : لست أنا من صنعتك، الويل للذي يقول لأبيه : لماذا ولدتني ؟ أو لأمه : لماذا حبلت بي ؟ هكذا يقول الرب قدوس إسرائيل ومخلصه : أنا الذي خلقت السماء ومددتها بيدي وجميع أجنادها، وجعلت فيها الكواكب البهية.
ذكر ما يحتاج إليه المفسرون - ويثمر إن شاء الله سبحانه وتعالى زيادة الإيقان لكل مسلم - من قصة عيسى عليه السلام في ولادته وما يتعلق بهذه السورة من مبدإ أمره ومنتهاه وبعض ما ظهر على يديه من الآيات ولسانه من الحكم المشيرة إلى أنه عبد الله ورسوله وغير ذلك من الأناجيل الأربعة التي في أيدي النصارى اليوم، وقد أدخلت كلام بعضهم في بعض وجمعت ما تفرق من المعاني في سياقاتهم بحيث صار الكل حديثاً واحداً : قال متى - ومعظم السياق له - : كتاب ميلاد يسوع المسيح بن داود بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، ثم قال : لكل الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً، ومن داود إلى زربابل أربعة عشر جيلاً، ومن زربابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً ؛ لما خطبت مريم أمه ليوسف قبل أن يفترقا وجدت حبلاً من روح القدس، وكان يوسف خطيبها صديقاً ولم يرد أن ينشرها، وهم بتخليتها سراً، وفيما هو مفكر في هذا إذا ظهر له ملاك الرب في الحلم قائلاً : يا يوسف بن داود لا تخف أن تأخذ مريم خطيبتك، فإن الذي تلده هو من روح القدس، وستلد ابناً ويدعى اسمه يسوع، وهو يخلص شعبه من خطاياهم، هذا كله كان لكي يتم ما قيل من قبل الرب على لسان النبي القابل : ها هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً، ويدعى اسمه ( عمانويل ) الذي تفسيره : الله معنا، فقام يوسف من النوم وصنع كما أمره ملاك الرب وأخذ مريم خطيبته ولم يعرفها حتى ولدت ابناه البكر، ودعي اسمه يسوع.
وفي إنجيل لوقا : ولما كان في تلك الأيام - أي أيام ولادة يحيى بن زكريا عليهم السلام - خرج أمر من أوغوسطوس قيصر بأن يكتب جميع المسكونة هذه الكتبة الأولى في ولاية فرسوس على الشام، فمضى جميعهم ليكتتب كل واحد منهم في مدينته،


الصفحة التالية
Icon