صفحة رقم ١٠٩
بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللًّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما نكصوا عن المباهلة بعد أن أورد عليهم أنواع الحجج فانقطعوا، فلم تبق لهم شبهة وقبلوا الصغار والجزية، فعلم انحلالهم عما كانوا فيه من المحاجة ولم يبق إلا إظهار النتيجة، اقتضى ذلك عظم تشوفه ( ﷺ ) إليها بعظم حصرصه ( ﷺ ) على هداية الخلق، فأمره بأن يذكرها مكرراً إرشادهم بطريق أخف مما مضى بأن يؤنسهم فيما يدعوهم إليه بالمؤاساة، فيدعو دعاء يشمل المحاجين من النصارة وغيرهم ممن له كتاب من اليهود وغيرهم إلى الكلمة التي قامت البارهين على حقيتها ونهضت الدلائل على صدقها، دعاء لا أعدل منه، على وجه يتضمن نفي ما قد يتخيل من إرادة التفضل عليهم والاختصاص بأمر دونهم، وذلك أنه بدأ بمباشرة ما دعاهم إليه ورضى لهم ما رضي لنفسه وما اجتمعت عليه الكتب واتفقت عليه الرسل فقال سبحانه وتعالى :( قل ( ولما كان قد انتقل من طلب الإفحام خاطبهم تلطفاً بهم بما يحبون فقال :( ياأهل الكتاب ( إشارة إلى ما عندهم في ذلك من العلم ) تعالوا ) أي ارفعوا أنفسكم من حضيض الشرك الأصغر والأكبر الذي أنتم به ) إلى كلمة ( ثم وصفها بقوله :( سواء ) أي ذات عدل لا شطط فيه بوجه ) بيننا وبينكم ( ثم فسرها بقوله :( ألا نعبد إلا الله ) أي لأنه الحائز لصفات الكمال، وأكد ذلك بقوله :( ولا نشرك به شيئاً ) أي لا نعتقد له شريكاً وإن لم نعبده.
ولما كان التوجه إلى غير الله خلاف ما تدعو إليه الفطرة الأولى عبر بصيغة الافتعال فقال :( ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً ) أي كعزير والمسيح والأحبار والرهبان الذين يحلون ويحرمون.
ولما كان الرب قد يطلق على الملعم والمربي بنوع تربية نبه على أن المحذور إنما هو اعتقاد الاستبداد، والأجتراء على ما يختص به الله سبحانه وتعالى فقال :( من دون الله ( الذي اختص بالكمال.
ولما زاحت الشكوك وانتفت العلل أمر بمصارحتهم بالخلاف في سياق ظاهره المتاركة وباطنه الإنذار الشديد المعاركة فقال - مسبباً عن ذلك مشيراً بالتتعبير بأداة الشك إلى أن الإعراض عن هذا العدل لا يكاد يكون :( فإن تولوا ) أي عن الإسلام له في التوحيد ) فقولوا ( أنتم تبعاَ لأبيكم إبراهيم عليه السلام إذ قال :
٧٧ ( ) أسلمت


الصفحة التالية
Icon