صفحة رقم ١١٥
مضى من مخازيهم مقرراً لكتمانهم للحق مع علمهم بأنه الحق بأنه الخيانة ديدنهم في الأعيان الدنيوية والمعاني الدينية مبنياً على أنهم وإن شاركوا الناس في انقسامهم إلى أمين وخائن فهم يفارقونهم من حيث ان خائنهم يتدين يخيانته ويسندها - مروقاً من ربقة الحياء - إلى الله، مادحاً للأمين منهم :( ومن أهل الكتاب ) أي الموصوفين ) من إن تأمنه بقنطار ) أي من الذهب المذكور في الفريق الآتي ) يؤده إليك ( غير خائن فيه، فلا تسوقوا الكل مساقاً واحداً في الخيانة ) ومنهم من إن تأمنه بدينار ) أي واحد ) لا يؤده إليك ( في زمن من الأزمان دناءة وخيانة ) إلا ما ) أي وقت ما ) دمت عليه قائماً ( تطالبه به غالباً لهن بما دلت عليه أداة الاستعلاء، ثم استأنف علة الخيانة بقوله :( ذلك ) أي الأمر البعيد من الكمال ) بأنهم قالوا ( كذباً على شرعهم ) ليس علينا في الأميين ( يعني من ليس له كتاب فليس على دينهم ) سبيل ( ولما كان الكذب من عظم القباة بمكان يظن بسببه أنه لا يجترىء عليه ذو عقل بكذبهم في هذا الأمر بخصوصه بقوله :( بلى ) أي عليكم في خيانتهم لتحرير العذر عليكم مطلقاً، أي سبيل - كما هو في التوراة وقد مضى نقله في البقرة في آية
٧٧ ( ) إن الذين آمنوا والذين هادوا ( ) ٧
[ البقرة : ٦٢ ] وآية
٧٧ ( ) وقولوا للناس حسناً ( ) ٧
[ البقرة : ٨٣ ].
ولما مضى تقسيمهم إلى أمين وخائن استأنف بشارة الأول ونذارة الثاني على وجه عام لهم ولغيرهم لتحريم الخيانة في كل شرع في حق كل أحد منهما، إن الله يبغض الخائن فقال :( من أوفى بعهده ( في الدين والدنيا ) واتقى ) أي كائناً من كان ) فإن الله ( ذا الجلال والإكرام يحبه، هكذا الأصل، لكنه أظهر الوصف لتعليق الحكم به وإشعاراً بأنه العلة الحامخلة له على الأمانة فقال :( يحب المتقين ( ولما كانت النفوس نزاعة إلى الخيانة رواغة عند مضائق الأمانة، وكانت الخيانة تجر إلى الكذب بسط في الإنذار فقال :( إن الذين يشترون ) أي يلجون في أن يأخذوا على وجه العوض ) بعهد الله ) أي الذي عاهدوه عليه من الإيمان بالرسول الذي عاهدهم على الإيمان به وذكر صفته للناس، وهو سبحانه أعلى وأعز من كل شيء فهو


الصفحة التالية
Icon