صفحة رقم ١٢٣
فقال :( ثم ازدادوا كفراً ) أي بأن تمادوا على ذلك ولم يبادروا بالتوبة ) لن تقبل توبتهم ) أي إن تابوا، لأن الله سبحانه وتعالى يطبع على قلوبهم فلا يتوبون توبة نصوحاً يدومون عليها ويصلحون ما فسد، أو لن توجد منهم توبة حتى يترتب عليها القبول لانهم زادوا عن أهل القسم الأول بالتمادي، ولم يأت بالفاء الدالة على أنه مسبب عما قبله إعلاماً بأن ذلك إنما هو لأنهم مطبوع على قلوبهم، مهيؤون للكفر من أصل الجبلة، فلا يتبوبون أبداً توبة صيحة، فالعلة الحقيقية الطبع لا الذنب، وهذا شامل لمن تاب عن شيء وقع منه كأبي عزة الجمحي، ولمن لم يتب كحيي بن أخطب
٧٧ ( ) ولو أسمعهم لتولوا ( ) ٧
[ الأنفال : ٢٣ ] لوقوعهم في أبعد شعابة وأضيق نقابه، فأنى لهم بالرجوع منه والتقصي عنه ولما أثبت لهم الخصوصية بذلك لائناً لهم فيه إلى حد أيس معه من رجعوعهم تشوف السامع إلى حالهم في الاخرة فقال مبيناً لهم أن السبب في عدم قبول توبتهم تفويت محلها بتماديهم على الكفر :( إن الذين كفروا ) أي هذا الكفر أو غيره، ويجوز أن يكون المراد أنهم ثلاثة أقسام : التائبون توبة صحيحة وهم الذين أصلحوا، والتائبون توبة فاسدة، والواصلون كفرهم بالموت من غير توبة، ولذا قال :( وماتوا وهم كفار ( ولما كان الموت كذلك سبباً للخلود في النار لأن السياق للكفر والموت عليه، صرح بنفي قبول الفداء كائناً من كان، وربطه بالفاء فقال :( فلن يقبل ( ي بسبب شناعة فعلهم الذي هو الاجتراء على الكفر ثم الموت عليه ) من أحدهم ) أي كائناً من كان ) ملء الأرض ذهباً ) أي من الذهبن لا يتجدد له قبول ذلك لو بذله هبة أوهيدية أو غير ذلك ) ولو افتدى به ( لو في مثل هذا السياق تجيء منبهة على أن ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء، وما بعدها جاء تنصيصاً على الحالة التي يظن أنها لا تندرج فيما قبلها، كقوله ( ﷺ ) ( أعطوا السائل ولو جاء على فرس ) فكونه جاء على فرس يؤذن بغناه، فلا