صفحة رقم ١٣٩
) من الصالحين ( إشارة إلى أن من لم يستقم لم يصلح لشيء، وأرشد السياق إلى أن التقدير : وأكثرهم ليسوا بهذه الصفات.
ولما كان التقدير : فما فعلوا من خير فهو بعين الله سبحانه وتعالى، يشكره لهم، عطف عليه قوله :( وما تفعلوا ) أي أنتم ) من خير ( من إنفاق أو غيره ) فلن تكفروه ( بل هو مشكور لكم بسبب فعلكم، وبني للمجهول تأدباً معه سبحانه وتعالى، وليكون على طريق المتكبرين.
وعطف على ما تقديره : فإن الله عليم بكل ما يفعله الفاعلون، قوله :( والله ) أي المحيط بكل شيء ) عليم بالمقتين ( من الفاعلين الذين كانت التقوى حاملة لهم على كل خير، فهو يثيبهم أعظم الثواب، ويغيرهم فهو يعاقبهم بما يريد من العقاب، هذا على قراءة الخطاب، وأما على قراءة الغيبة فأمرها واضح في نظمها بما قلته.
ولما رغبتهم في الإنفاق بما يشمل كل خير وأخبرهم بأنه عالم بدقة وجله، وأخير أن ذلك كان دأب إسرائيل عليه الصلاة والسلام على وجه أنتج أن بنيه كاذون في ادعائهم أنهم على ملة جدة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم حذر منهم وختم ما ختمه بالمتقين بالترغيب في الخير بما اندرج فيه الإنفاق الذي قدم أول السورة أنه من صفة والنزول عن حال الموسرين من الكفار المفاخرين بالإكثار المعيرين بالإقلال من المال والولد وقوفاً مع الحال الدنيوي، وكان قد أخبر أنه لا يقبل من أحد منهم في الآخرة ملء الأرض ذهباً، أعقب هذا بمثل ذلك على وجه أعم فقال - واصفاً أضداد من تقدم، نافياً ما يعتقدون من أن أعمالهم الصورية تنفعهم - :( إن الذين كفروا ) أي بالله بالميل عن المنهج القويم وإن ادعوا الإيمان به نفاقاً أو غيره ) لن تغني عنهم أموالهم ) أي وإن كثرت ) ولا أولادهم ( وإن عظمت ) من الله ) أي الملك الذي لا كفوء له ) شيئاً ) أي من الإغناء تأكيداً لما قرر من عدم نصرة أهل الكتاب الذين حملهم على إيثار الكفر على الإيمان استجلاب الأموال والرئاسة على الأتباع على وجه يعم جميع الكفار - كما قال في أول السورة - سواءً.
ولما كان التقدير : فأولئك هم الخاسرون، عطف عليه قوله :( وأولئك أصحاب النار ) أي هم مختصون بها، ثم استأنف ما يفيد ملازمتها فقال :( هم فيها خالدون ( ولما كان ربما قيل : فما حال ما يبدلونه في المكارم ويواسون به في المغارم ؟ ضرب


الصفحة التالية
Icon