صفحة رقم ١٤٤
شوال سنة ثلاث من الهجرة في سفح أحد مكث رسول الله ( ﷺ ) ينتظر فيهم ما يأتيه من الوحي بقية يوم الأربعاء ويوم الخميس وليلة الجمعة وباتت وجوه الأنصار في المسجد بباب النبي ( ﷺ ) يحرسونه ( ﷺ ) وحرست المدينة الشريفة، ثم دعا الناس صبيحة يوم الجمعة فاستشارهم في أمرهم وأخبرهم برؤياه تلك الليلة : البقر المذبوحة، والثلم في سيفه، وإدخال يده في الدرع الحصينة، وكان رأيه مع رأي كثير من الصحابة المكث في المدينة، فإن قاتلوهم فيها قاتلهم الرجال مواجهة والنساء والصبيان من فوق الأسطحة، وكان عبد الله بن أبيّ المنافق على هذا الرأي، فلم يزل ناس ممن أكرمهم الله بالشهادة - منهم أسد الله وأسد رسوله عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه - يلحون عليه ( ﷺ ) في الخروج إليهم حتى أجاب فدخل بيته ولبس لأمته بعد أن صلى الجمعة فندموا على استكراههم له ( ﷺ ) وهو يأتيه الوحي، فلما خرج إليهم أخبروه وسألوه في الإقامة إن شاء فقال :
٧٧ ( ) ما كان ينبغي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه ( ) ٧
وفي رواية ( حتى يلاقي ) فأتى الشيخين - وهما أطمان - فعرض بهما عسكره ففرغ مع غياب الشمس، ورآه المشركون حين نزل بهما، واستعمل تلك الليلة على حرسه محمد ابن مسلمة، واستعمل المشركون على حرسهم عكرمة بن أبي جهل، ثم أدلج من سحر ليلة السبت، وندب الأدلاء ليسيروا أمامه، وحانت صلاة الصبح في الشوط وهم بحيث يرون المشركين، فأمر بلالاً رضي الله عنه فأذن وأقام، وصلى بأصحابه ( ﷺ ) الصبح صفوفاً، فانخزل عبد الله بن أبيّ بثلث العسكر فرجع وقال : أطاع الولدان، ومن لا رأي له وعصاني، وما ندري علام نقتل أنفسنا وتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر ابن عبد الله - أحد بني سلمنة وأحد من استشهد في ذلك اليوم وكلمه الله قبلاً - يناشدهم الله في الرجوع، فلم يرجعوا فقال : أبعدكم الله سيغني الله نبيه ( ﷺ ) عنكم، ورجع فوافق النبي ( ﷺ ) يصف أصحابه، وكادت طائفتان من الباقين - وهما بنو سلمة عشيرة عبد الله بن عمرو وبنو حارثة - أن تفشلا لرجوع المنافقين، ثم ثبتهم الله تعالى ؛ ونزل ( ﷺ ) الشعب من أحد، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وعبأ أصحابه وقال :( لا يقاتلن أحد حتى نأمره ) وعين طائفة من الرماة وأنزلهم بعينين - جبيل هناك من ورائهم - وأوعز إليهم في أن لا يتغيروا منه حتى يأمرهم إن كانت له أو عليه، حتى قال لهم :( إن رأيتمونا تخطفنا