صفحة رقم ١٥٣
حلاوة الظفر ما يجل عن الوصف لأجل الغنيمة التي هي لمن غلب، وليس في المبادرة إلى حوزها كبير فائدة، دلالة على تناهي الحب للتكاثر، ناسب المقام ربا التضعيف فقال :- أو يقال : لما كان سبب الهزيمة طلبهم الزيادة بالغنيمة، وكان حب الزيادة حلالاً قد يجر إلى حبها حراماً، فيجر إلى الربا المضاعف، لأن من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه قال - :( أضعافاً مضاعفة ) أي لا تتهيؤوا لذلك بإقبالكم علىمطلق الزيادة، فإن المطلوب منكم بذل المال فضلاً عن الإعراض عنه فضلاً عن الإقبال عليه، فالحاصل أنه دلت على الربا بمطابقتها، وعلى مطلق الزيادة بتضمنها، وهي من وادي قوله ( ﷺ ) :( من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه ) وختام الآية بقوله :( واتقوا الله ) أي الملك الأعظم ) لعلكم تفلحون ( مشير إلى ذلك، أي واجعلوا بينكم وبين مخالفة نهيه عن الربا وقاية بالإعراض عن مطلق محبة الدنيا والإقبال عليها، لتكونوا على رجاء من الفوز بالمطالب، فمن له ملك الوجود وملكه فإنه دير بأن يعطيكم من ملكه إن اتقيتم، ويمنعكم إن تساهلتم، فهو نهي عن الربا بصريح لاعبارة، وتحذير من أن يعودوا إلى ما صدر منهم من الإقبال على الغنائم قبل انفصال الحرب فعلاً وقوة بطريق الإشارة، وهي من أدلة إمامنا اشلافعي على استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، والذي دلنا على إرادة المعنى التضمني المجازي نظمها، والناظن حكيم في سلك هذه القصة ووضعها في هذا الموضع، فلا يقدح في ذلك أنه قد كان ي هذه القصة أمر يصلح أن يكون سبباً لنزول هذه الآية ووضعها عنا، لأن ذلك غير لازم ولا مطرد، فقد كان حلفه ( ﷺ ) أنه يمثل بسبعين منهم كما مثلوا بعمه حمزة رضي الله عنه سبباً لنزول آخر سورة النحل
٧٧ ( ) وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ( ) ٧
[ النحل : ١٢٦ ] إلى آخرها، ولم تضوع هنا، والأمر الصالح لأن يكون سبباً لها ما روى أبو داود فس يننه بسند رجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة أن عمروا بن أقيش رضي الله عنه كان له ربا في الجاهلية، فكره


الصفحة التالية
Icon