صفحة رقم ١٥٩
) سنن ) أي وقائع سنها لاله في القرون الماضية والأمم الخالية في المؤمنين والمكذبين، وأحوال وطرائق كانت للفريقي، فتأسوا بالمؤمنين وتقوعوا لأعدائكم مثل ما للمكذبين، فانظروا وأنعموا التأمل في أحوال الفريقين وإن لم يحصل ذلك إلا بالسير في الكد والتعب الشديد ) فسيروا في الأرض ) أي للاتعاظ بأحوال تلك الأمم برؤية آثارهم لتضموا الخير إلى الخير، وتعتبروا من العين بالثر، وتقرنوا بين النقل والنظر، ولما كان الرجوع عن الهفوة واجباً على الفور عقب بالفاء قوله :( فانظروا ) أي نظر اعتبار، ونبه على عظمة المنظور فيه بأنه أهل لأن يستفهم عنه لأنه خرج عن العوائد فتعاظم إشكاله فقال :( كيف كان عاقبة ) أي آخر أمر ) المكذبين ( ولما تكلفت هذه الجمل بالهداية إلى سعادة الدارين نبه على ذلك سبحانه وتعالى بقوله على طريق الاستفتاح :( هذا بيان ) أي يفيد إزالة الشبه ) للناس ) أي المصدقين.
والمكذبين ) وهدى ) أي إرشاد بالفعل ) وموعظة ) أي ترقيق ) للمتقين (
آل عمران :( ١٣٨ - ١٤٣ ) هذا بيان للناس.....
) هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ ( ( )
ولما أمرهم بالمسارعة وأتبعها علتها ونتيجتها نهاهم عما يعوق عناه من قبل الوهن الذي عرض لهم عند رؤيتهم الموت فقال - ويجوز أن يعطف على ما تقديره : فتبينوا واهتدوا واتعظوا إن كنتم متقين، وانظروا أخذنا لمن كان قبلكم من أهل الباطل وإن كان لهم دول وصولات ومكر وحيل ٠ :( ولا تهنوا ) أي في جهاد أعدائكم الذين هم أعداء الله، فالله معكم عليهم، وإن ظهروا يوم أحد نوع ظهور فسترون إلى من يؤول الأمر ) ولا تحزنوا ) أي على ما أصابكم منهم ولا على غيره مما عساه ينوبكم ) و ( الحال أنكم ) أنتم الأعلون ) أي في الدارين ) إن كنتم مؤمنين ) أي إن كان الإيمان - وهو التصديق بكل ما يأتي عن الله - لكم صفة راسخة، فإنهم لا يهنون ؛ لأنكم بين إحدى الحسنيين - كما لم يهن من سيقص عليكم نبأهم ممن كانوا مع الأنيباء قبلكم لعلوكم عدوكم، أما في الدنيا فلأن دينكم حق ودينهم باطل، ومولاكم العزلز الحكيم الذي قد وعدكم الحق الملكَ الكبير لمن قتل، والنصر والتوزر لمن بقي، وهو حي قيوم، ولا