صفحة رقم ١٦١
) وليمحص ) أي وليطهر ) الله ) أي ذو الجلال والإكرام ) الذين أمنوا ) أي إن أصيبوا، ويجعل مصيبتهم سبباً لقوتهم ) ويمحق الكافرين ) أي شيئاً فشيئاً في تلك الحالتين بما يلحقهم من الرجس، أما إذا كانت لهم فبالقص بالقوة بالبطر الموجب للعكس، وأما إذا كانت عليهم فبالنقص بالفعل الموجب للقطع بالنار.
ولما كان السياق يرشد إلى أن المعنى : أحسبتم أنه لا يفعل ذلك، عادله بقوله :( أم حسبتم ) أي يا من استكره نبينا على الخروج في هذا الوجه ) أن تدخلوا الجنة ) أي التي أعدت للمتقين ) ولما يعلم الله ) أي يفعل المحيط علماً وقدرة بالامتحان فعل من يريد أن يعلم ) الذين جاهدوا منكم ) أي أوقعوا الجهاد بصدق العزيمة، ثم أمضوه بالفعل تصديقاً للدعوى ) ويعلم الصابرين ) أي الذي شأنهم الصبر عند الهزاهز والثبات عند جلائل المصائب تصديقاً لظاهر الغرائز، فإن ذلك أعظم دليل على الوثوق بالله ووعده الذي هو صريح الإيمان.
ولما أرشد السياق إلى أن التقدير : لفقد كنتم تقولون : لئن خرجت بنا ليبتلين الله بلاء حسناً، عطف عليه قوله :( ولقد ( ويجوز أن يكون حالاً من فاعل ) حسبتم ( ) كنتم تمنون الموت ) أي الحرب، عبر عنها به لأنها سببه، ولقد تمنى بعضهم الموت نفسه بتمني الشهادة ) من قبل أن تلقوه ) أي رغبة فيما أعد الله للشهداء ) فقد رأيتموه ) أي برؤية قتل إخوانكم، والضمير يصلح أن يكون للموت المعبر به عن الحرب، وللموت نفسه بؤية أسبابه القريبة، وقوله :( وأنتم تنظرون ( بمعنى رؤية العين، فهو تحقيق لإرادة الحقيقة.
آل عمران :( ١٤٤ - ١٤٧ ) وما محمد إلا.....
) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ( ( )
ولما كان التقدير : فانهزمتم عندما صرخ الشيطان كذباً : ألا إن محمداً قد قتل ولم يكن لكم ذلك فإنكم إنما تعبدون رب محمد الحي القيوم وتقاتلون له، وأما محمد فما هو بخالد لكم في الدنيا قال :( وما محمد إلا رسول ) أي من شأنه الموت، لا إله، ثم قرر المراد من السياق بقوله :( قد خلت ) أي بمفارقة أممهم، إما بالموت أو


الصفحة التالية
Icon