صفحة رقم ١٦٦
مؤمنين، عطف عليه قوله :( بل الله ) أي الملك الأعظم ) موالاكم ( مخراً بأنه ناصرهم وأن نصره لا يساويه نصر أحد سواه بقوله :( سنلقي ) أي بعظمتنا ) في قلوب الذين كفروا الرعب ) أي المقتضي لامتثال ما أمر به من الجرأة عليهم وعدم الوهن في أمرهم، كما افتتح القصة بالإيمان إلى ذلك بالأمر بالسير في الأرض والنظر في عاقبة المكذبين، ثم بين سبب ذلك فقال :( بما أشركوا بالله ) أي ليعلموا قطعاً أنه لا ولي لعدوه لأنه لا كفوء له، وبين بقوله :( ما لم ينزل ) أي في وقت من الأوقات ) به سلطاناً ( أنه لا حجة لهم في الإشراك، وما لم ينزل به سلطاناً فلا سلطان له، ومادة سلط ترجع إلى القوة، ولما كان التقدير : فعليهم الذل في الدنيا لاتباعهم ما لا قة به، عطف عليه :( ومأواهم النار ( ثم هوّل أمرهم بقوله :( وبئس مثوى الظالمين ) أي هي، وأظهر في موضع الإضمار للتعميم وتعليق الحكم بالوصف.
وما كانت السين في ) سنلقي ( مفهمة للاستقبال كان ذلك ربما أوهم أنه لم يرغبهم فيما مضى، فنفى هذا الوهم محققاً لهم ذلك بتذكيرهم بما أنجز لهم من وعده في أول هذه الوقعة مدة تلبسهم بما شرط عليهم من الصبر والتقوى بقوله تعالى - عطفاً على قوله :
٧٧ ( ) بلى أن تصبروا وتتقوا ( ) ٧
[ آل عمران : ١٢٥ ]، مصرحاً بما لوح إلأيه تقديراً قبل
٧٧ ( ) ولقد نصركم الله ببدر ( ) ٧
[ آل عمران : ١٢٣ ] كما مضى - :( ولقد صدقكم الله وعده ) أي في قوله
٧٧ ( ) وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم ( ) ٧
[ آل عمران : ١٢٠ ] ) إذ تحسونهم ) أي تقتلونهم بعضهم بالفعل والباقين بالقوة التي هيأها لكم ) بإذنه ( فإن الحسن بالفتح : القتل والاستئصال - قاله في القاموس.
ثم بين لهم سبب هزيمتهم بعد تمكينه منهم ليكون رادعاً لهم عن المعاودة إلى مثله فقال مبيناً لغاية الحسن :( حتى إذا فشلتم ) أي ضعفتم وتراخيتم بالميل إلى الغنيمة خلاف ما تدعو إليه الهمم العوالي، فكيف بهم إذا كانوا من حزب مولي الموالي فلو كانت العرب على حال جاهليتها تفاخر بالإقبال على الطعن والضرب في مواطن الحرب والإعراض عن الغنائم - كما قال عنترة بن شداد العبسي يفتخر :
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي إذ لا أزال على رحالة سابح نهد تعاوره الكماة مكلم طوراً يعرض للطعان وتارة يأوي غلى حصد القسي عرموم يخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى وأعفّ عند المنغنم