صفحة رقم ١٧
الصلاة والسلام قال وقد أمره إبليس أن يجرب قدره عند الله بأن يطرح نفسه من شاهق : مكتوب : لا تجرب الرب إلهك، وقال وقد أمره أن يسجد له : مكتوب : للرب إلهك اسجد، وإياه وحده اعبد، وصرح أن الله سبحانه وتعالى واحد في غير موضع ؛ وفي إنجيل لوقا أنه دفع إلى المسيح سفر أشيعا النبي فلما فتحه وجد الموضع الذي فيه مكتوب : روح الرب عليّ، من أجل هذا مسحني وأرسلني لأبشر المساكين وأبشر بالسنة المقبولة للرب، والأيام التي أعطانا إلهنا، ثم طوى السفر ودفعه إلى الخادم ؛ وفيه وفي غيره من أناجيلهم : من قبل هذا فقد قبلني، ومن قبلني فقد قبل الذي أرسلني، ومن سمع منكم فقد ممع مني، ومن جحدكم فقد جحدني، ومن جحدني فقد شتم الذي أرسلني ومن أنكرني قدام الناس أنكرته قدام الناس، أنكرته قدام ملائكة الله، وفي إنجيل يوحنا أنه قال عن نفسه عليه الصلاة والسلام : الذي أرسله الله إنما ينطق بكلام الله لأنه ليس بالكيس، أعطاه الله الروح، وقال : قد سأله تلاميذه أن بأكل فقال لهم : طعامي أن أعمل مسرة من أرسلني وأتم عمله ؛ وفيه في موضع آخر : الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي وآمن بمن أرسلني وجبت له الحياة المؤبده، لست أقدر أعمل شيئاً من ذات نفسي، وإنما أحكم بما أسمع، وديني عدل لأني لست أطلب مسرتي بل مسرة من أرسلني ؛ وفي إنجيل مرقس أنه قال لناس : تعلمتم وصايا الناس وتركتم وصايا الله، وزجر بعض من اتبعه فقال : اذهب يا شيطان فإنك لم تفكر في ذات الله، وتفكر في ذات الناس ؛ فقد جعل الله إلهه وربه ومعبوده، واعترف له بالوحدانيه وجعل ذاته مبايناً لذات الناس الذي هو منهم ؛ وفي جميع أناجيلهم نحو هذا، وأنه كان يصوم ويصلي لله ويأمر تلاميذه بذلك، ففي إنجيل لوقا أنهم قالوا له : يا رب علمنا نصلي كما علم يوحنا تلاميذه، فقال لهم : إذا صليتم فقولوا : أبانا الذي في السموات يتقدس اسمك كفافنا أعطنا في كل يوم، واغفر لنا خطايانا لأنانغفر لما لنا عليه، ولا تدخلنا في التجارب، لكن نجنا من الشرير ؛ ولما دخل الهيكل بدأ يخرج الذين يبيعون ويشترون فيه، فقال لهم : مكتوب أن بيتي هو بيت الصلاة وأنتم جعلتموه مفازة اللصوص فعلم من هذا كله أن إطلاق اسم الرب عليه لأن الله سبحانه وتعالى أذن له أن يفعل بعض أفعاله التي ليست في قدرة البشر، والرب يطلق على السيد أيضاً، كما قال يوسف عليه الصلاة والسلام :
٧٧ ( ) اذكرني عند ربك ( ) ٧
[ يوسف : ٤٢ ].
ثم وجدت في أوائل إنجيل يوحنا أن الرب تأويله العلم، ولو ردوا أيضاً الأب والابن إلى هذا المحكم وأمثاله وهي كثيرة في جميع أناجيلهم لعلموا بلا شبهة أن معناه أن الله سبحانه وتعالى يفعل معه ما يفعل الوالد مع ولده من الترية والحياطة والنصرة والتعظيم والإجلال، كما لزمهم حتماً أن يأولوا قوله


الصفحة التالية
Icon