صفحة رقم ٢٠٥
الجامع لشتات الأمور بإحسان التزاوج في لطائف المقدور ) الرحمن ( الذي جعل الأرحام رحمة عامة ) الرحيم ( الذي خص من أراد بالتواصل على ما دعا إليه دنيه الذي جعله نعمة تامة.
لما تقرر أمر الكتاب الجامع الذي هو الطريق، وثبت الأساس الحامل الذي هو التوحيد احتيج إلى الاجتماع على ذلك، فجاءت هذه السورة داعية إلى الاجتماع والتواصل والتعاطف والتراحيم فابتدأت بالنداء العام لكل الناس، وذلك أنه لما كانت أمهات الفضائل - كما تبين في علم الأخلاق - أربعاً : العلم والشجاعة والعدل والعفة، كما يأتي شرح ذلك في سورة لقمان عليه السلام، وكانت آل عمران داعية مع ما ذكر من مقاصدها إلى اثنين منها، وهما العلم والشجاعة - كما أشير إلى ذلك في غير آية
٧٧ ( ) نزل عليك الكتاب بالحق ( ) ٧
[ آل عمران : ٣ ]،
٧٧ ( ) وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ( ) ٧
[ آل عمران : ٧ ]،
٧٧ ( ) شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم ( ) ٧
[ آل عمران : ١٦٩ ]،
٧٧ ( ) الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ( ) ٧
[ آل عمران : ١٧٢ ]،
٧٧ ( ) ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ( ) ٧
[ آل عمران : ٢٠٠ ]، وكانت قصة أحد قد أسفرت عن أيتام استشهد موروثهم في حب الله، وكان من أمرهم في الجاهلية منع أمثالهم من الإرث استشهد مورثوهم ي حب الله، وكان من أمرهم في الجاهلية منع أمثالهم من الفضيلتين الباقيتين، وهما العفة والعدل مع تأكيد الخصلتين الأخريين حسبما تدعو إليه المناسبة، وذلك مثمر للتواصل بالإحسان والتعاطف بإصلاح الشأن للاجتماع على طاعة الديان، فمقصودها الأعظم الاجتماع على الدين بالاقتداء بالكتاب المبين، وما أحسن ابتداءها بعموم :( ياأيها الناس ( بعد اختتام تلك بخصوص ( ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا الآية.
ولما اشتملت هذه السورة على أنواع كثيرة من التكاليف، منها التعطف على الضعاف بأمور كانوا قد مرنوا على خلافها، فكانت في غاية المشقة على النفوس، وأذن بشدة الاهتمام بها بافتتاح السورة واختتامها بالحث عليها قال :( اتقوا ربكم ) أي سيدكم ومولاكم المحسن إليكم بالتربية بعد الإيجاد، بأن تجعلوا بينكم وبين سخطه وقاية، لئلا يعاقبكم بترك إحسانه إليكم فينزل بكم كل بؤس.
ابتدأ هذه البيان كيفية ابتداء الخلق حثاً على أساس التقوى من العفة والعدل فقال :( الذي ( جعل بينكم غاية الوصلة لتراعوها


الصفحة التالية
Icon