صفحة رقم ٢٠٨
بخصوصها ي صلة الرحم المختتمة بصفة الرقيب لما لا يخفى من أنه لا حامل على العدل في الأيتام إلا المراقبة، لأنه لا ناصر لهم، وقد يكونون ذوي رحم.
ولما أمر بالعفة في أموالهم أتبعه تقبيح الشره الحامل للغافل على لزوم المأمور به فقال :( ولا تتبدلوا ) أي تكلفوا أنفسكم أن تأخذوا على وجه البدلية ) الخبيث ) أي من الخباثة التي لا أخبث منها، لأنها تذهب بالمقصود من الإنسان، فتهدم - جميع أمره ) بالطيب ) أي الذي هو كل أمر يحمل على معالي الأخلاق الصائنة للعرض، المعلية لقدر الإنسان ؛ ثم بعد هذا النهي العام نوّه بالنهي عن نوع منه خاص، فقال معبراً بالأكل الذي كانت العرب تذم بالإكثار منه ولو أنه حلال طيب، فكيف إذا كان حراماً ومن مال ضعيف مع الغنى عنه :( ولا تأكلوا أموالهم ) أي تنتفعوا بها أيّ انتفاع كان، مجموعة ) إلى أموالكم ( شرهاً وحرصاً وحباً في الزيادة من الدنيا التي علتمتم شؤمها وما أثرت من الخذلان يف آل عمران، وعبر بإلى إشارة إلى تضمين الأكل معنى الضم تنبيهاً على أنها متى ضمت إلى مال اولي أكل منها فوقع في النهي، فحض بذلك على تركها محفوظة على حيالها ؛ ثم علل ذلك بقوله :( إنه ) أي الأول ) كان حوباً ) أي إثماً وهلاكاً ) كبيراً (
النساء :( ٣ ) وإن خفتم ألا.....
) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ( ( )
ولما كان تعالى قد أجرى سنة الإلهية في أنه لا بد في التناسل من توسط النكاح إلا ما كان من آدم وحواء وعيسى عليهم الصلاة والسلام، وكانوا قد أمروا بالعدل في أموال اليتامى، وكانوا يلون أمور يتاماهم، وكانوا ربما نكحوا من في حجورهم منهن، فكان ربما أوقفهم هذا التحذير من أموالهم عن النكاح خوفاً من التقصير في حق من حقوقهنم أتبعه تعالى عطفاً على ما تقديره : فإن وثقتم من أنفسكم بالعدل فخالطوهم بالنكاح وغيره :( وإن خفتم ( فعبر بأداة الشك حثاً على الورع ) ألا تقسطوا ) أي تعدلوا ) في التيامى ( ووثقتم من أنفسكم بالعدل في غيرهن ) فانكحوا ( ولما كانت النساء ناقصات عقلاً وديناً، عبر عنهن بأداة ما لا يعقل إشارة إلى الرفق بهن والتجاوز عنهن فقال :( ما ( ولما أفاد أنكحوا الإذن المتضمن للحل، وحل الطيب على اللذيذ المنفك عن النهي السابق ليكون الكلام عاماً مخصوصاً بما يأتي من آية المحرمات من النساء - ولا يحمل الطيب على الحل لئلا يؤدي - مع كونه تكراراً - إلى أن يكون الكلام مجملاً - لأن الحل لم يتقدم علمه، والحمل على العام المخصوص أولى،


الصفحة التالية
Icon