صفحة رقم ٢١٣
العول في الحساب والسهام، وهو كثرتها، وظهر تحامل من رد ذلك وقال : إنه لا يقال في كثرة العيال إلا : عال يعيل، وكم من عائب قولا صحيحً وكيف لا وهو من الأئمة المحتج بأقوالهم في اللغة، وقد وافقه غيره وشهد لقوله الحديث الصحيح ؛ قال الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني الشافعي في كتابه البيان :( ألا تعولوا ( قال الشافعي : معناه أن لا تكثر عيالكم ومن تمونونه، وقيل : إن أكثر السلف قالوا : المعنى أن لا تجوروا، يقال : عال يعول - إذا جار وأعال يعيل - إذا كثر عياله ؛ إلا زيد بن أسلم فإنه قال : معناه أن لا تكثر عيالكم، وقول النبي ( ﷺ ) يشهد لذلك، قال :( ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ).
انتهى.
وهذا الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما عن حكيم بن حزام عن أبي هريرة رضي الله عنهما بلفظ ( أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول ) وفي الباب أيضاً عن عمران بن حصين وأبي رمثة البلوي وأبي أمامة رضي الله عنهم، وأثر زيد بن أسلم رواه الدارقطني والبيهقي من طريق سعيد بن أبي هلاك عنه، قال :( ذلك أدنى أن لا يكثر من يعولونه ) أفاده شيخنا بان حجر في تخريج أحاديث الرافعي وقال الإمام : إن تفسير الشافعي هو تفسير الجماعة، عبر عنه بالكناية وهي ذكر الكثرة، وأراد الميل لكون الكثرة، لا تنفك عنه، وقال ابن الزبير : لما تضمنت سورة البقرة ابتداء الخلق وإيجاد آدم عليه الصلاة والسلام من غير أب ولا أم، وأعقبت بسورة آل عمران لتضمنها - مع ذكر في صدرها - أمر عيسى عليه الصلاة والسلام، وأنه كمثل آدم عليه الصلاة والسلام في عدم الافتقار إلى أب، وعلم الموقنون من ذلك أنه تعالى لو شاء لكانت سنة فيمن بعد آدم عليه الصلاة والسلام، فكأن سائر الحيوان لا يتوقف إلا على أم فقط ؛ أعلم سبحانه أن من عدا المذكورين عليهما الصلاة والسلام من ذرية آدم سبيلهم سبيل الأبوين فقال تعالى :( ياأيها الناس اتقوا