صفحة رقم ٢٣٢
يقدم عليها تام العقل ) ومقتاً ) أي أشر ما يكون بينكم وبين ذوي الهمم لما انتهكتم من حرمة آبائكم ) وساء سبيلاً ) أي قبح طريقاً طريقه.
ولما ابتدأ بتعظيم الآباء واحترامهم في أن ينكح الأبناء أزواجهم على العموم ثنى بخصوص الأم بقوله :( حرمت عليكم ( ولما كان أعظم مقصود من النساء النكاح، فكان إضافة التحريم إلى أعيانهن إفادة التأكيد غير قادح في فهمه، وكان مع ذلك قد تقدم ما يدل على أن المراد النكاح ؛ أسند التحريم إلى الذات تأكيداً للتحريم فقال :( أمهاتكم ) أي التمتع بهن بنكاح أو ملك يمين، فكان تحريمها مذكوراً مرتين تأكيداً له وتغليظاً لأمره في نفسه واحتراماً للأب وتعظيماً لقدره ) وبناتكم ) أي وإن سفلن لما في ذلك من ضرار أمهاتهن، وهذان الصنفان لم يحللن في دين من الأديان ) وأخواتكم ) أي أشقاء أو لا ) وعمّاتكم ( كذلك ) وخالاتكم ( أيضاً، والضابط لهما أن كل ذكر يرجع نسبك إليه فأخته عمتك، وقد تكون من جهة الأم وهي أخت أبي أمك ؛ وكل أنثى رجع نسبك إليها بالولادة فأختها خالتك، وقد تكون الخالة من جهة الأب وهي أخت أم أبيك ) وبنات الأخ ( شقيقاً كان أو لا ) وبنات الأخت ) أي كذلك، وفروعهن وإن سفلن.
ولما انقضى أمر النسب وهو سبعة أصناف أتبعه أمر السبب وهو ثمانية : أوله أزواج الآباء، أفردها وقدمها تعظيماً لحرمتها، لما كانوا استهانوا من ذلك، وآخر المحصنات، وبدأ من هذا القسم بالأم من الرضاع كما بدأ النسب بالأم فقال :( وأمهاتكم الاَّتي أرضعنكم ( تنزيلاً له منزلة النسب، ولذلك سماها أمّاً، فكل أنثى انتسب باللبن إليها فهي أمك، وهي من أرضعتك، أو أرضعت امرأة أرضعتك، أو رجلاً أرضعك بلبانه من زوجته أو أم ولده، وكل امرأة ولدت امرأة أرضعتكم أو رجلاً أرضعك فهي أمك من الرضاعة والمراضعة أختك، وزوج المرضعة الذي أرضعت هي بلبانه أبوك وأبواه جداك، وأخته عمتك، وكل ولد ولد له من غير المرتضعة الذي أرضعت هي وبعده إخوة الأب، وأم المرضعة جدتك، وأختها خالتك، وكل من ولد لها من هذا الزوج إخوة لأب وأم، ومن ولد لها من غيره فهم إخوته وأخواته لأم، فعلى ذلك ينزل قوله :( وأخواتكم من الرضاعة ( كما في النسب بشرط أن يكون خمس رضعات وفي الحولين، وبتسمية المرضعة أمّاً والمشاركة في الرضاع أختاً عُلِم أن الرضاع كالنسب.
كما بينه النبي ( ﷺ ) بقوله ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) فالصورتان منبهتان


الصفحة التالية
Icon