صفحة رقم ٢٥٩
أنزل ؟ قال ) إني أحب أن أسمعه من غيري ( فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت ) فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ( قال ) أمسك ( فإذا عيناه تذرفان ) ثم استأنف الجواب عن ذلك بقوله :( يومئذ ) أي تقوم الإشهاد ) يوم الذين كفروا ) أي ستروا ما تهدي إليبه ما أظهر من بيناته ) لو تسوى بهم الأرض ) أي تكون مستوية معتدلة بهم، ولا تكون كذلك إلا وقد غيبتهم واستوت بهم، ولم يبق فهيا شيء من عوج ولا نتوّ بسبب أحد منهم ولا شيء من أجسامهم ؛ وإنما ودوا ذلك خوفاً مما يستقبلهم من الفضيحة بعتابهم ثم الإهانة بعقابهم.
ولما كان التقدير : فلا تسوي بهم، عطف عليه قوله :( ولا يكتمون الله ) أي الملك الأعظم ) حديثاً ) أي شيئاً أحدثوه بل يفتضحون بسيء أخبارهم، ويحملون جميع أوزارهم، جزاء لما كانوا يكتمون من آياته وما نصب للناس من بيناته.
ولما وصف الوقوف بين يديه في يوم العرض والأهوال الذي أدت فيه سطوة الكبرياء والجلال إلى تمني العدم، ومنعت قوة يد القهر والجبر أن يكتم حديثاً، وتضمن وصفه أنه لا ينجو فيه إلا من كان طاهر القلب والجوارح بالإيمان به والطاعة لرسوله ( ﷺ ) ؛ ؛ وصف الوقوف بين يديه في الدنيا خطرت معاني اللطف والجمال فهي الالتفات إلى غيره، الوقوف في ذلك اليوم، والذي خطرت معاني اللطف والجمال فهي الالتفات إلى غيره، وأمر بالطهارة في حال التزين به عن الخبائث فقال :( ياأيها الذين أمنوا ) أي أقروا بالتصديق بالرسل وما أتوا به عن الله، وأوله وأولاه أن لا تشركوا به شيئاً من الإشراك ) لا تقربوا الصلاة ) أي بأن لا تكونوا في موضعها فضلاً عن أن تفعلوها ) وأنتم ) أي والحال أنكم ) سكارى ) أي غائبو العقل من الخمر أو نحوها، فإنه يوشك أن يسبق اللسان - بتمكن الشيطان بزوال العقل إلى شيء من الإشراك، فيكون شركاً لسانياً وإن كان القلب مطمئناً بالإيمان، فيوشك أن يعرض ذلك عليه يوم الوقوف الأكبر، فإن من أنتم بين يديه لا يكتم حديثاً، فيود من نطق سانه بذلك - لما يحصل له من الألم - لو كان من أهل العدم وأصل السكر في اللغة : سد الطريق ؛ وسبب نزولها ما رواه مسدد بإسناد - قال شيخنا البوصيري : رجاله ثقات - عن علي رضي الله تعالى عنه ( أن رجلاً من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه فسقاهما قبل أن تحرم الخمر،