صفحة رقم ٢٦٢
الصلاة لسانه فقط لا عن عمد الكلم عن واضعه ؛ أتبعها التصريح بالتعجيب من حال المحرفين بالقلب واللسان عمداً وعدواناً اجتراء على الله سبحانه وتعالى، الملوح إليهم بالآية السابقة أنهم يريدون لنا الضلال عما هديا إليه من سننهم فقال :( ألم تر ( ولما كانوا بمحل البعد - بما لهم من اللعن - عن حضرته الشريفة، عبر بأداة الانتهاء، بصرية كانت الرؤية أو قلبية، فقال :( إلى الذين أوتوا ( وحقر أمرهم بالبناء للمفعول وبقوله :( نصيباً من الكتاب ) أي كشاش بن قيس الذي أراد الخلق بين الأنصار، وفي ذلك أن أقل شيء من الكتاب يكفي في ذم الضلال، لأنه كاف في الهداية ) يشترون ) أي يتكلفون ويلحون - بما هم فيه من رئاسة الدنيا من المال والجاه - أن يأخذوا ) الضلالة ( معرضين عن الهدى غير ذاكرية بوه، وسبب كثير من ذلك ما في دينهم من الآصال والأثقال، كما أشار إليه قوله سبحانه وتعالى
٧٧ ( ) فخلف من بعدهم خلق اضاعوا الصلاة ( ) ٧
[ مريم : ٥٩ ] أي بسبب ما شدد عليهم فيها بأنها لا تفعل إلا في الموضع المبني لها، وبغير ذلك من أنواع الشدة، وكذا غيرها المشار إليه بقوله سبحانه وتعالى
٧٧ ( ) فبما نقضهم ميثاقهم ( ) ٧
[ النساء : ١٥٥ ] وغير ذلك، ومن ا " ظمه ما يخفون من صفة النبي ( ﷺ )، ليتقربوا بذلك إلى أهل دينهم، ويأخذوا منهم الرشى على ذلك، ويجعلوهم عليهم رؤساء.
ولما ذكر ضلالهم المتضمن لإضلالهم، أتبعه ما يدل على إعراقهم فيه، فقال مخاطباً لمن يمكن توجيه هممهم بإضلال إليه :( ويريدون أن تضلوا ) أي ياأيها الذين آمنوا ) السبيل ( حتى تساووهم، فلذلك يذكرونكم بالأحقاد والأضغان والأنكاد - كما فعل شاس - لا محبة فيكم، ويلقون إلأيكم الشبهة، فالله سبحانه وتعالى أعلم بهم حيث حذركم منه بقوله
٧٧ ( ) لا يالونكم خبالاً ( ) ٧
[ آل عمران : ١١٨ ] وما بعده إلى هنا ) والله ) أي المحيط علمه وقدرته ) أعلم ) أي من كل أحد ) بأعدائكم ) أي كلهم هؤلاء وغيرهم، بما يعلم من البواطن، فمن حذركم منه كائناً من كان فاحذره.
ولما كان كل من قبيلتي الأنصار قد والوا ناساً من اليهود ليعتزوا بهم وليستنصروهم، قال تعالى فاطماً لهم عن موالاتهم :( وكفى ) أي والحال أنه كفى به هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر الاسم الأعظم لتستحضر عظمته، فيستهان أمر الأعداء فقال :( بالله ولياً ) أي قريباً بعمل جميع ما يفعله القريب الشفيق.
ولما كان الولي قد تكون فيه قوة النصرة، والنصير قد لا يكون له شفقة الولي، وكانت النصرة أعظم ما يحتاج إلى الولي فيه ؛ أفردها بالذكر إعلاماً باجتماع الوصفين مكرراً الفعل والاسم الأعظم اهتماماً بأمرها فقال :( وكفى بالله ) أي الذي له العظمة