صفحة رقم ٢٧٦
ولما كان كل كدر لا يخلو عن خلاصه، قال :( إلا قليل منهم ) أي وهم العالمون بأن الله سبحانه وتعالى خير لهم من أنفسهم، وأن حياتهم إنما هي في طاعته ؛ روي أن من هؤلاء ثابت بن قيس بن شماس رضي الله تعالى عنه، قال : أما والله إن الله ليعلم مني الصدق، لو أمروني محمد أن أقتل نفسي لقتلها وكذا قال ابن مسعود وعمار ابن ياسر رضي الله عنهما، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : والله لو أمرنا ربنا لفعلنا والحمد الله الذي لم يفعل بنا ذلك.
ولا ريب في أن التقدير : ولكنا لم نكتب عليهم فليشكروا لنا ويستمسكوا بهذه الحنيفية السمحة.
ولما كان مبنى السورة على الائتلاف وكان السياق للاستعطاف، قال مرغباً :( ولو أنهم ) أي هؤلاء المنافقين ) فعلوا ما يوعظون ) أي يجدد لهم الوعظ في كل حين ) به لكان ) أي فعلهم ذلك ) خيراً لهم ) أي مما اختاروه لأنفسهم ) وأشد تثبيتاً ) أي مما ثبتوا به أنفسهم بالأيمان الحانثة ) وإذاً لآتيناهم ) أي وإذا فعلوا ما يوعظون به آتيناهم بما لنا من العظمة إيتاء مؤكداً لا مرية فيه.
وأشار بقوله :( من لدنا ( إلى أنه من غرائب ما عنده من خوارق خوارق العادات ونواقض نواقض المطردات ) أجراً عظيماً ولهديناهم ) أي بما لنا من العظمة ) صراطاً مستقيماً ) أي يوصلهم إلى مرادهم، وقد عظم سبحانه وتعالى هذا الأجر ترغيباً في الطاعة أنواعاً من العظمة منها التنبيه ب ( إذا )، والإتيان بصيغة العظمة و ( لدن ) مع العظمة والوصف العظيم.
النساء :( ٦٩ - ٧٣ ) ومن يطع الله.....
) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَآءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُواْ جَمِيعاً وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيداً وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ( ( )
ولما رغب في العمل بمواعظه، وكان الوعد قد يكون لغلظ في الموعوظ، وكان ما قدمه في وعظه أمراً مجملاً ؛ رغب بعد ترقيقه بالوعظ ي مطلق الطاعة التي المقام كله لها، مفصلاً إجمال ما وعد عليها فقال :( ومن يطع الله ) أي في امتثال أوامره والوقوف عند زواجره مستحضراً عظمته - طاعة هي على سبيل التجدد والاستمرار ) والرسول ) أي ي كل ما أراده، فإن منصب الرسالة يقتضي ذلك، لا يما من بلغ نهايتها ) فأولئك ) أي العالو الرتبة العظيمو الشرف ) مع الذين أنعم ) أي بما له من


الصفحة التالية
Icon