صفحة رقم ٣١٧
هموا لما أضلوك ) وما يضلون ) أي على حالة من حالات هذا الهم ) إلا أنفسهم ( إذ وبال ذلك عليهم ) ما يضرونك ) أي يجددون في ضرك حالاً ولا مالاَ بإضلال ولا غيره ) من شيء ( وهو وعد بدوام العصمة في الظاهر والباطن كآية المائدة أيضاً وإن كانت هذه بسياقها ظاهرة في الباطن وتلك ظاهرة في الظاهر ) وأنزل الله ) أي الذي له جميع العظمة ) عليك ( وأنت أعظم الخلق عصمة لأمتك ) الكتاب ) أي الذي تقدم أول القصة الإشارة إلى كماله وجمعه لخيري الدارين ) والحكمة ) أي الفهم لجميع مقاصد الكتاب فتكون أفعالك وأفعال من تابعك فيه على أتم الأحوال، فتظفروا بتحقيق العلم وإتقان العمل، وعمم بقوله :( وعلمك ما لم تكن تعلم ) أي من المشكلات وغيرها غيباً وشهادة من أحوال الدين والدنيا ) وكان فضل الله ) أي المتوحد بكل كمال ) عليك عظيماَ ) أي بغير ذلك من أمور لا تدخل تحت الحصر، وهذا من أعظم الأدلة على أن العلم أشرف الفضائل.
ولما كان قوم طعمة قد ناجوا النبي ( ﷺ ) في الدفع عنه، نبههم سبحانه وغيرهم على ما ينبغي أن يقع به التناجي، ويحسن يه التفاؤل والتجاذب على وجه ناه عن غيره أشد نهي بقوله سبحانه وتعالى :( لا خير في كثير من نجواهم ) أي نجوى جميع المناجين ) إلا من ) أي نحوى من ) أمر بصدقة ( ولما خص الصدقة لعزة المال في ذلك الحال، عمم بقوله :( أو معروف ( أيّ معروف كان مما يبيحه الشرع من صدقة وغيرها.
ولما كان إصلاح ذات البين أمراً جليلاً، نبه على عظمه بتخصيصه بقوله :( أو إصلاح بين الناس ) أي عامة، فقد بين سحانه وتعالى أن غير المستثنى من التناجي لا خير فيه، وكل ما انتقى عنه الخير كان مجتنباً - كما روى أحمد والطبراني في الكبير بسند لا بأس به وهذا لفظه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي ( ﷺ ) ( أن عيسى عليه الصلاة والسلام قال : إنما الأمور ثلاثة : أمر تبين لك رشده فاتبعه، وأمر تبين لك غيّه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فرده إلى عالمه ).
ولما كان التقدير : فمن أمر بشي من ذلك فنجواه خير، وله عليها أجر ؛ عطف عليه قوله :( من يفعل ذلك ) أي الأمر العظيم الذي أمر به من هذه الأشياء ) ابتغاء مرضاة الله ( الذي له صفات الكمال، لأن العمل لا يكون له روح إلا بالنية ) فسوف