صفحة رقم ٣٣٤
الهيبة فقال :( أو ) أي أو كان ذلك القسط على ) الوالدين ( وأتبعه ما يعمهما وغيرها فقال :( والأقربين ) أي من الأولاد وغيرهم، ثم على ذلك بقوله :( إن يكن ) أي المشهود له أو عليه ) غنياً ) أي ترون الشهادة له بشيء باطل دافعة ضراً منه للغير من المشهود عليه أو غيره، أو مانعة فساداً أكبر منها، أو عليه بما لم يكن صلاحاً طمعاً في نفع الفقير بما لا يضره ونحو ذلك ) أو فقيراً ( فيخيل إليكم أن الشهادة له بما ليس له نفعه رحمة له أو بما ليس عليه لمن هو أقوى منه تسكن فتنة ) فالله ) أي ذو الجلال والإكرام ) أولى بهما ) أي بنوعي الغني والفقير المندرج فيهما هذان المشهود بسببهما منكم، فهو المرجو لجلب النفع ودفع الضر بغير ما ظننتموه، فالضمير من الاستخدام، ولو عاد للمذكور لوحد الضمير لأن المدث عنه واحد مبهم.
ولما كان هذا، تسبب عنه قوله :( فلا تتبعوا ) أي تتكلفوا تبع ) الهوى ( وتنهمكوا فيه انهماك المجتهد في المحب له ) أن ) أي إرادة أن ) تعدلوا ( فقد بان لكم أنه لا عدل في ذلك ولما كان التقدير : فإن تتبعوه لذلك أو لغيره فإن الله كان عليكم قديراً، عطف عليه قوله :( وإن تلوا ) أي ألسنتكم لتحرفوا الشهادة نوعاً من التحريف أو تديروا ألسنتكم أي تنطقوا بالشهادة باطلاً، وقرأ ابنعامر وحمزة بضم اللام - من الولاية أي تؤدوا الشهادة على وجه من العدل، أو الليّ ) أو تعرضوا ) أي عنها وهي حق فلا تؤدوها لأمر ما ) فإن الله ) أي المحيط علماً وقدرة ) كان ) أي لم يزل ولا يزال ) بما تعملون خبيراً ) أي بالغ العلم باطناً وظاهراً، فهو يجازيكم على ذلك بما تستحقونه، فاحذروه إن خنتم، وارجوه إن وفيتم، وذلك بعد ما مضى من تأديبنهم على وجه الإشارة والإيماء من غير أمر، وما أنسبها لختام التي قبلها وأشد التئام الختامين : ختام هذه بصفة الخبرن وتلك بصفتي السمع والبصر.
ولما أمر بالعدل على هذا الوجه أمر بالحامل على ذلك، وهو الإيمان بالشارع والمبلغ والكتاب الناهج لشرائعه المبين لسرائره الذي افتتح القصة بحقيته وبيان فائدته فقال :( ياأيها الذين ءامنوا ) أي أقروا بالإيمان ؛ ولما ناداهم بوصف الإيمان أمرهم بما لا يحصل إلا به فقال مفصلاً له :( ءامنوا بالله ) أي لأنه أهل لذلك لذاته المستجمع لجميع صفات الكمال كلها.
ولما كان الإيمان بالله لا يصح إلا بالإيمان بالوسائط، وكان أقرب الوسائط إلى الإنسان الرسول قال :( ورسوله ) أي لأنه المبلغ عنه سواء كان من الملك أو البشر ) والكتاب الذي نزل ) أي مفرقاً بحسب المصالح تدريجاً تثبيتاً وتفهيماً ) على رسوله (