صفحة رقم ٣٤٤
يظهره المنافقون، وبأنهم هم الذين أضلوا المنافقين، وللتحذير من أقوالهم وتزييف ما حرفوا من محالهم، وفي ذلك التفات إلى أول هذه القصة ) ) يا أيها الذين ءامنوا ءامِنوا بالله ورسوله ( ) [ النساء : ١٣٦ ].
النساء :( ١٥٢ - ١٥٣ ) والذين آمنوا بالله.....
) وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَآءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللَّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً ( ( )
ولما بين سبحانه وتعالى ما أعد لهم بيّن ما أعد لأضدادهم من أهل طاعته بقوله :( والذين ءامنوا بالله ) أي الذي له الكمال والجمال ) ورسله ( ولما جمعوهم في الإيمان ضد ما فعل أهل الكفران، صرح بما أفهمه فقال :( ولم يفرقوا ) أي في اعتقادهم ) بين أحد منهم ) أي لم يجعلوا أحداً منهم على صفة الفرقة البليغة من صاحبه بأن كفروا ببعض وآمنوا ببعض - كما فعل الأشقياء، والتفرقة تقتضي شيئين فصاعداً، و ( أحد ) عام في الواحد المذكر والمؤنث وتثنيتهما وجمعهما، فلذلك صح التعبير به بمعنى : بين اثنين أو جماعة، وكأنه اختير للمبالغة بأن لو أن الواحد يمكن فيه التفرقة فكان الإيمان بالبعض دون البعض كفراً ) أولئك ) أي العالو الرتبة في رتب السعادة.
ولما كان المراد تأكيد وعدهم، وكان المشاهد فيه غالباً التأخر قال :( سوف نؤتيهم ) أي بما لنا من العظمة بوعد لا خلف فيه وإن تأخر، فالمراد تحقيقه، لا تحقيق تأخره، ولكنه أتى بالأداة التي هي أكثر حروفاً وأشد تنفيساً، لأن هذا السياق لأهل الإيمان المجرد، الشامل لمن لم يكن له عمل، ولذا أضاف الأجور غليهم، وختم بالمغفرة لئلا يحصل لهم بأس وإن طال المدى ) أجورهم ) أي كاملة بحسب نياتهم وأعمالهم.
ولما كان الإنسان محل النقصان قال :( وكان الله ) أي الذي لا يبلغ الواصفون كنه ما له من صفات الكمال ) غفوراً ( لما يريد من الزلات ) رحيماً ) أي بمن يريد إسعادة بالجنات.
ولما أخبر تعالى بما على المفرقين بين الله ورسله وما لأضدادهم أتبعه بعض ما أرادوا به الفرقة، وذلك أن كعب بن الشرف وفنحاص بن عازوراء من اليهود قالا كذباً : إن كنت نبياً فأتنا بكتاب جملة من السماء نعاينه حين ينزل - كما أتى موسى عليه الصلاة والسلام بكتابه كذلك، فأنزل الله تعالى موبخاً لهم على هذا الكذب مشيراً إلى كذبهم فيه موهياً لسؤالهم محذراً من غوائله مبيناً لكفرهم بالله ورسله :( يسألك (