صفحة رقم ٣٥
بالفتح الإرسال للرعي مكتفي في المرسل بعلامات تعرف بها نسبتها لمن تتوفر الدواعي للحفيظة عليها من أجله من الواقع عليها منالخاص والعام، فهي مسومة بسيمة تعرف بها جودتها ونسبتها ) والأنعام ( وهي جمع نعم، وهي الماشية فيها إبل، والإبل واحدها، فإذا خلت مناه الإبل لم يجر على الماشية اسم نعم - انتهى.
وقال في القاموس : النعم - وقد تسكن عينه - الإبل والشياء جمع أنعام، وجمع جمعه أناعيم.
وقال القزاز في جامعه : النعم اسم يلزم الإبل خاصة، وربما دخل في النعم سائر المال، وجمع النعم أنعام، وقد ذكر بعض اللغويين أن النعم في الإبل خاصة، فإذا قلت : الأنعام - دخل فيها البقر والغنم، قال : وإن أفردت الإبل والغنم لم يقل فيها نعم ولا أنعام.
وقال قوم : النعم والأنعم بمعنى، وقال في المجمل : والأنعام البهائم، وقال الفارابي في ديوان الأدب : والنعم واحد الأنعام، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل.
ولما ذكر هذه الأعيان التي زين حبها في نفسها أتبعها ما يطلب لأجل تحصيلها أو تنيتها وتكثيرها فقال :( والحرث (.
ولما فصلها وختمها بما هو مثل الدنيا في البداية والنهاية والإعادة أجمل الخبر عن ثمرتها وبيان حقيقتها فقال :( ذلك ) أي ما ذكر من الشهوات المفسر بهذه الأعيان تأكيداً لتخسيسه البعيد من إخلاد ذوي الهمم إليه ليقطعهم عن الدار الباقية.
وقال الحرالي : الإشارة إلى بعده عن حد التقريب إلى حضرة الجنة انتهى.
) متاع الحياة الدنيا ) أي التي هي مع دناءتها إلى فناء.
قال الحرالي : جعل سبحانه وتعالى ما أحاط به حس النظر العاجل من موجود العادل أدنى، فافهم أن ما أنبأ به على سبل السمع أعلى، فجعل تعالى من أمر اشتباه كتاب الكون المرئي به وذكر المشهود أن عجل محسوس العين وحمل على تركه وقبض اليد بالورع والقلب بالحب عنه، وأخر مشهود مسموع الأذن من الآخرة وأنبأ بالصدق عنه ونبه بالآيات عليه ليؤثر المؤمن مسمعه على منظره، كما آثر الناس منظرهم على مسمعهم، حرض لسان الشرع على ترك الدنيا والرغبة في الأخرى، فأبت الأنفس وقبلت قلوب وهيم لسان الشعر في زينة الدنيا فقبلته الأنفس ولم تسلم القلوب منه إلا بالعصمة، فلسان الحق يصرف إلى حق الآخرة ولسان الخلق يصرفه إلى زينة الدنيا، فأنبا سبحانه وتعالى أن ما في الدنيا متاع، والمتاع ما ليس له بقاء، وهو يف نفسه خسيس خساسة الجيفة انتهى.
ثم أتبع ذلك سبحانه وتعالى حالاً من فاعل معنى الإشارة لقال :( والله ( الذي بيده كل شيء، ويجوز أن يكون عطفاً على ما تقديره : وهو سوء المبدأ في هذا الذهاب إلى غاية الحياة، والله ) عنده حسن المآب ( قال الحرالي : مفعل من الأوب وهو الرجوع إلى ما منه كان الذهاب انتهى.