صفحة رقم ٣٩١
وقال صاحب كتاب الزينة : يقال : إنه كانت عندهم سبعة قداح مستوية من شوحط، وكانت بيد السادن، مكتوب عليها ( نعم ) ( لا ) ( منكم ) ( من غيركم ) ( ملصق ) ( العقل ) ( فضل العقل ) فكانوا إذا اختلفوا في نسب الرجل جاؤوا إلى السادن بمائة درهم، ثم قالوا للصنم : يا إلهنا قد تمارينا في نسب فلان، فأخرج علينا الحق فيه، فتجال القداح فإن خرج القدح الذي عليه ( منكم ) كان أوسطهم نسباً، وإن خرج الذي عليه ( من غيركم ) كان حليفاً وإن خرج ( ملصق ) كان على منزلته لا نسب له ولا حلف، وإذا أرادوا سفراً أو حاجة جاؤوا بمائة فقالك يا إلهناَ أردنا كذا، فغ، خرج ( نعم ) فعلوا، وإن خرج ( لا ) لم يفعلوا، وإن جنى أحدهم جناية، فاختلفوا فيمن يحمل العقل جاؤوا بمائة فقالوا : يا إلهنا فلان جنى عليه، أخرج الحق، فإن خرج القدح الذي عليه ( العقل ) لزم من ضرب عليه وبرىء الآخرو، وإن خرج غيره كان على الآخرين العقل، وكانوا إذا عقلوا العقل ففضل الشيء منه تداروا فيمن يحمله، فضربوا عليه ؛ فإن خرج القدح الذي عليه ( فضل العقل ) للذي ضرب عليه لزمه، وإلا كان على الآخرين الذين لم يضرب عليهم فهذا الاستقسام الذي حرمه الله لأنه يكون عند الأصنام ويطلبون ذلك منها، ويظنون أن الذي أخرج لهم ذلك هو الصنم، وأما إجالة السهام لا على هذا الوجه فهو جائز، هو وتساهم واقتراع لا استقسام وقال أبو عبيدة : واحد الأزلام زلم - بفتح الزاء، وقال بعضهم بالضم وهو القدح لا ريش له ولا نصل، فإذا كان مريَّشاً فهو السهم - والله أعلم ؛ ويجوز أن يراد مع هذا ما كانوا يفعلونه في الميسر - على ما مضى في البقرة، فإنه طلب معرفة ما قسم من الجزور، ويلتحق بالأول كل كهانة وتنجيم، وكل طيرة يتطيرها الناس الآن من التشاؤم ببعض الأيام وبعض الأماكن والأحوال، فإياك أن تعرج على شيء من الطيرة، فتكون على شعبة جاهلية، ثم إياك.
ولما كانت هذه الأشياء شديدة الخبث أشار إلى تعظيم النهي عنها بأداة البعد وميم الجمع فقال :( ذلكم ) أي الذي ذكرت لكم تحريمه ) فسيق ) أي فعله خروج من الدين.
ولما كانت هذه المنهيات معظم دين أهل الجاهلية، وكان سبحانه قد نهاهم قبلها عن إحلال شعائر الله والشهر الحرام وقاصدي المسجد الحرام بعد أن كان أباح لهم ذلك في بعض الأحوال والأوقات بقوله
٧٧ ( ) وأخرجوهم من حيث أخرجوكم - ولا تقتلوهم عند


الصفحة التالية
Icon