صفحة رقم ٣٩٨
ولما كان القصد إنما هو الحل، لا كونه من محل معين، مع أن المخاطبين بهذه الآيات يعلمون أنه لا محل إلا الله، بني الفعل للمجهول فقال :( أحل ) أي ثبت الإحلال فلا ينسخ أبداً ) لكم ) أي أيها المؤمنون ) الطيبات ) أي التي تقدم في البقرة وصفها بالحل لزوال الإثم وملاءمة الطبع، فهي الكاملة في الطيب.
ولما كان الطيبات أعم من المآكل قال :( وطعام الذين ( ولما كان سبب الحل الكتاب، ولم يتعلق بذكر مؤتيه غرض، بني الفعل للمجهول فقال :( أوتوا الكتاب ) أي مما يصنعونه أو يذبحونه، وعبر بالطعام الشامل لما ذبح وغيره وإن كان المقصود المذبوح، لا غيره، ولا يتخلف حاله من كتابي ولا غيره تصريحاً بالمقصود ) حل لكم ) أي تناوله لحاجتكم، أي مخالطتهم للإذن في إقرارهم على دينهم بالجزية، ولما كان هذا مشعراً بإبقائهم على ما اختراوا لأنفسهم زاده تأكيداً بقوله :( وطعامكم حل لهم ) أي فلا عليكم في بذله لهم ولا عليهم في تناوله.
ولما كانت الطيبات أعم من المطاعم وغيرها، وكانت الحاجة إلى المناكح بعد الحاجة إلى المطاعم، وكانت المطاعم حلالاً من الجانبين والمناكح من جانب واحد قال :( والمحصنات ) أي الحرائر ) من المؤمنات ( ثم أكد الإشارة إلى إقرار أهل الكتاب فقال :( والمحصنات ) أي الحرائر ) من الذين أوتوا الكتاب ( وبنى الفعل للمفعول للعلم بمؤتيه مع أنه لم يتعلق بالتصريح به غرض.
ولما كان إيتاؤهم الكتاب لم يستغرق الزمن الماضي، أثبت الجار فقال :( من قبلكم ) أي وهم اليهود والنصارى، وعبر عن العقد بالصداق للملابسة فقال مخرجاً للأمة لأنها لا تعطى الأجر وهو الصداق، لأنها لا تملكه بل يعطاه سيدها :( إذا آتيتموهن أجورهن ) أي عقدتم لهن، ودل مساق الشرط على تأكد وجوب الصداق، وأن من تزوج وعزم على عدم الإعطاء، كان في صورة الزاني، وورد فيه حديث، وتسميته بالأجر تدل على أنه لا حد لأقله.
ولما كان المراذ بالأجر المهر، وكان في اللغة يطلق على ما يعطاه الزانية أيضاً، بينه بقوله :( محصنين ) أي قاصدين الإعفاف والعفاف ) غير مسافحين ) أي قاصدين صب الماء لمجرد الشهوة جهاراً ) ولا متخذي أخذان ) أي صدائق لذلك في السر، جمع خدن، وهو يقع على الذكر والأنثى، فكانت هذه الآية مخصصة لقوله تعالى
٧٧ ( ) ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ( ) ٧
[ البقرة : ٢٢١ ] فبقي على التحريم مما تضمنته تلك ما عدا الكتابيات من الوثنيات وغيرهن من جميع المشركات حتى المنتقلة من الكتابيات من دينها إلى غير دين الإسلام، وصرح هنا بالمؤمنات المقتضي لهن قوله تعالى في النساء


الصفحة التالية
Icon