صفحة رقم ٤٢٦
يخرجوا منها ( ثم صرحوا بالإتيان بالجملة الاسمية المؤكدة بتهالكهم على الدخول وأنه لا مانع لهم إلا الجبن فقالوا :( فإن يخرجوا منها ) أي بأي وجه كان، وعبروا بأداة الشك مع إعلام الله لهم بإهلاكهم على أيديهم جلافة منهم وعراقة طبع في التكذيب ) فإنا داخلوا ( فكأنه قيل : إن هذه لسقطة ما مثلها، فما اتفق لهم بعدها ؟ فقيل :( قال رجلان ( وأشار إلى كونهما من بني إسرائيل بقوله ذماً لمن تقاعس عن الأمر منهم :( من الذين يخافون ) أي يوجد منهم الخوف من الجبارين، ومع ذلك فلم يخافا وثوقاً منهما بوعد الله، ولما كان بنو إسرائيل أهلاً لأن يخافهم من يقصدونهم بالحرب لأن الله معهم بعونه ونصره، قرىء : يخافون - مبيناً للمفعول ) أنعم الله ) أي بما له من صفات الكمال ) عليهما ) أي بالثبيت على العمل بحق النقابة، وهما يوشع بن نون وكالاب بن يوفنا - كما أنعم عليكم أيها العرب وخصوصاً النقباء بالثبات في كل موطن ) ادخلوا عليهم الباب ) أي باب قريتهم امتثالاً لأمر الله وإيقاناً بوعده.
ولما كانا يعلمان أنه لا بد من دخولهم عليهم وإن تقاعسوا وإن طال المدى، لأن الله وعد بنصرهم عليهم ووعده حقن عبرا بأداة التحقيق خلاف ما مضى لجماهيرهم فقالا :( فإذا دخلتموه ( ثم أكد خبرهما إيقاناً بوعد الله فقالا :( فإنكم غالبون ) أي لأن الملك معكم دونهم ) وعلى الله ) أي الملك الأعظم الذي وعدكم بإرثها وحده ) فتوكلوا ) أي لا على عُدة منكم ولا عِدة ولا حول ولا قوة.
ولما كان الإخلاص يلزمه التوكيل وعدم الخوف من غير الله، ألهمهم بقوله ؛ ) إن كنتم ) أي جبلة وطبعاً ) مؤمنين ) أي عريقين في الإيمان بنبيكم ( ﷺ ) والتصديق بجميع ما أتى به، فكأنه قيل : لقد نصحا لهم وبرّا، واجتهد في إصلاح الدين والدنيا فما خدعا ولا غرّا، فما قالوا ؟ فقيل : لم يزدهم ذلك إلا نفاراً واستضعافاً لأنفسهم لإعراضهم عن الله واستصغاراً لأنهم ) قالوا ( معرضين عمن خاطباهم غيرعادين لهما ) يا موسى ( وأكدوا نفيهم للإقدام عليهم بقولهم :( إنا ( وعظموا تأكيدهم بقولهم :( لن ندخلها ( وزادوه تأكيداً بقولهم :( أبداً ( وقيدوا ذلك بقولهم :( ما دواموا ) أي الجبابرة ) فيها ) أي لهم اليد عليها، ثم اتبعوه بما يدل على أنهم في غاية الجهل بالله الفعال لما يريد.
الغني عن جميع العبيد، فقالوا مسببين عن نفيهم ذلك قولهم :( فاذهب أنت وربك ) أي المحسن إليك، فلم يذكروا أنه أحسن إليهم كثافة طباع وغلظ أكباد، بل خصوه بالإحسان، وهذا القول إن لم يكن قائلوه يعتقدون التجسي فهم مشارفون له، وكذلك أمثاله، وكان اليهود الآن عريقين في التجسيم، ثم سببوا عن الذهاب قولهم :( فقاتلا ( ثم استأنفوا قولهم مؤكدين لأ، من له طبع سليم وعقل مستقيم لا يصدق أن


الصفحة التالية
Icon