صفحة رقم ٤٤
الكاملة والحكمة الشاملة أني تصرف بجور، وعلى وحدانيته، لأنه لا يصح التفرد بدون الوصفين وليسا على الإطلاق لأحد غيره أصلاً، ولما كانت الآيات كلها في الإيقاع بالكافرين قدم الوصف الملائم لذلكز قال الحرالي : وقسط الله هو إخفاء عدله في دار لادنيا من حيث إنه خفض ورفع، يعادل خفضه رفعه ورفعه خفضه، فيؤول إلى عدل، ويراه بذلك في حال تفاوته كل ذي لب بما أنه عزيز يظهر عزته فيما يرفع، حكيم يخفي معنى حكمه فيما يخفض، فكل ما هو باد من الخلق جود فهو من الله سبحانه وتعالى قسط، طيته عدل، سره سواء، فيظهر عزته فيما حكم انتقاماً وحكمته في الموازنة بين الأعمال والجزاء عدلاً - انتهى.
ولما كان ذلك علم أنه يجب أن تخضع له الرقاب ويخلص له التوحيد جميع الألباب وذلك هو الإسلام فقال معللاً للشهادة منهم بالعدل - وقراءة الكسائي بالفتحد أظهر في التعليل :( إن الدين ( واصله الجزاء، أطلق هنا على الشريعة لأنها مسببة ) عند الله ) أي الملك الذي له الأمر كله ) الإسلام ( فاللام للعهد في هذه الشهادة فإنها أس لكل طاعة، فلأجل أن الدين عنده هذا شهدوا له هذه الشهادة المقتضية لنهاية الإذعان ولما كان ذلك مصرحاً بأنه لا دين عنده غيره كان كأن قائلاً قال : فكان يجب أن يعلم بذلك الأنيباء الماضون والأمم السالفون ليلزموه ويلزموه أتباعهم فقيل : قد فعل ذلك، فقيل : فما لهم يلزموه ؟ فقيل : قد لزموه مدة مديدة ) وما ( ويجوز وهو أحسن أن يكون التقدير : بين الله سبحانه وتعالى بشهادته ما يرضيه بآياته المرئية ثم أوضحة غاية الإيضاح بآياته المسموعة بكتبه وما ) اختلف الذين أوتوا الكتاب ( هذا الاختلاف الذي ترونه ) إلا من بعد ما جاءهم العلم ( بذلك كله، وما كان اختلافهم لجهلهم بذلك بل ) بغياً ( واقعاً ) بينهم ( لا بينهم وبين غيرهم، بل من بعضهم على بعض للحسد والتنافس في الدنيا لشبه أبدوها ودعاو ادعوها، طال بينهم فيها النزاع وعظم الدفاع، والله سبحانه وتعال عالم يكشفها، قادر على صرفها.
قال الحرالي : والبغي السعي بالقول والفعل في إزالة نعم أنعم الله تعالى بها على خلق بما اشتملت عليه ضمائر الباغي من الحسد له - انتهى.
ولما كان التقدير : فمن استمر على الإيمان فإن الله عظيم الثواب، عطف عليه قوله :( ومن يكفر ) أي يستمر على كفره ولم يقل حلماً منه : ومن كفر ) بآيات الله ) أي المرئيات والمسموعات الدالة على إحاطته بالكمال وقوفاً مع تلك الشبه وعمى عن الدليل فالله مهلكه عاجلاً ) فإن الله ) أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ولا كفوء له ) سريع ( قال الحرالي : من السرعة وهي وحاء النجاز فيما شأنه الإبطاء - انتهى.