صفحة رقم ٤٦٠
داع إلى الحفظ قطعاً، وخص الثاني بالاستحفاظ لأن الأتباع أولى به، وهو دال على الإسلام.
ولما كان هذا كله ذماً لليهود بما تركوا من كتابهم، ومدحاً لمن راعاه منهم، وكان ذلك الترك إما لرجاء أو خوف، قال مخاطباً لهذه الأمة كلها طائعها وعاصيها، وحذراً لها من مثل حالهم ومرغباً في مثل حال الأنبياء والتابعين لهم بإحسان، مسبباً عن ذلك :( فلا تخشوا الناس ) أي في العمل بحكم من أحكام الله ) واخشون ) أي فإن ذلك حامل لكم على العدل والإحسان، فمن كان منكم مسلماً طائعاً فليزدد طاعة، ومن لم يكن كذلك فليبادر بالانقياد والطاعة، وهذا شامل لليهود وغيرهم.
ولما قدم الخوف لأنه أقوى تأثيراً أتبعه الطمع فقال :( ولا تشتروا ( ولما كان الاشتراء معناه اللجاجة في أخذ شيء بثمن، وكان المثمن أشرف من الثمن من حيث إنه المرغوب فيه، جعل الآيات مثمناً وإن اقترنت بالباء، حتى يفيد الكلام التعجب من الرغبة عنها، وأنها لا يصح كونها ثمناً فقالك ) بآياتي ثمناً قليلاً ) أي من الرشى وغيرها لتبدلوها كما بدل أهل الكتاب.
ولما نهى عن الأمرين، وكان ترك الحكم بالكتاب إما لاستهانة أو لخوف أو رجاء أو شهوة، رتب ختام الآيات على الكفر والظلم والفسق، قال ابن عباس رضي الله عنهما : من جحد حكم الله كفرن ومن لم يحكم به وهو مقر فهو ظالم فاسق.
فلما كان التقدير : فمن حكم بما أنزل الله فأولئك هم المسلمون، عطف عليه ما أفهمه من قوله :( ومن لم يحكم ) أي يوجد الحكم ويوقعه على وجه الاستمرار ) بما أنزل الله ) أي الذي له الكمال كله فلا أمر لأحد معه تديناً بالإعراض عنه، أعم من أن يكون تركه له حكماً بغيره أو لا ) فأولئك ) أي البعداء من كل خير ) هم الكافرون ) أي المختصون بالعراقة في الكفر، وهذه الآيات من قوله تعالى
٧٧ ( ) ياأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ( ) ٧
[ المائدة : ٤١ ] إلى هنا نزلت في الزنا، ولكن لما كان السياق للمحاربة، وكان كل من القتل وقطع الطريق والسرقة محاربة ظاهرة مع كونه فساداً صرح به، ولما كان الزنا محاربة بالنظر إلى كونه في الغالب عن تراض، وصاحبه غير متزيّ بزيّ المحاربة، وغير محاربة بالنظر إلى كونه في الغالب عن تراض، وصاحبه غير متزيّ بزيّ المحاربين، لم يصرح في هذه الآيات باسمه وإن كانت نزلت فيه، روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عهما عن عمر رضي الله عنه أنه قال في خطبته :( إن الله بعث محمداً وأنزل عليه كتاباً، وكان فيما أنزل عليه آية الرجم فتلوناها ووعيناها ) الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم ( وقد رجم رسول الله ( ﷺ ) ورجمنا


الصفحة التالية
Icon