صفحة رقم ٤٨٣
أي الذي معناه موالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله، فيوالون أعداءه ويتركون أولياءه، فيبغضهم الله ويبغضونه، ويكونون أعزة على المؤمنين أذلة على الكافرين، فالله غني عنهم ) فسوف يأتي الله ( اي الذي له الغنى المطلق والعظمة البالغة مكانهم وإن طال المدى بوعد صادق لا خلف فيه ) بقوم ) أي يكون حالهم ضد حالهم، يثبتون على دينهم، وهم أبو بكر والتابعون له بإحسان - رضي الله عنهم.
ولما كانت محبته أصل كل سعادة قدمها فقال :( يحبهم ( فيثبتهم عليه ويثيبهم بكرمه أحسن الثواب ) ويحبونه ( فيثبتون عليه، ثم وصفهم بما يبين ذلك فقال :( أذلة ( وهو جمع ذليل ؛ ولما كان ذلهم هذا إ، ما هو الرفق والين الجانب لا الهوان، كان في الحقيقة عزاً، فأشار إليه بحرف الاستعلاء مضمناً له معنى الشفقة، فقال مبيناً أن تواضعهم عن علو منصب وشرف :( على المؤمنين ) أي لعلمهم أن الله يحبهم ) أعزة على الكافرين ) أي يظهرون الغلظة والشدة عليهم لعلهم أن الله خاذلهم وملهكهم وإن اشتد أمرهم وظهر علوهم وقهرهم، فالآية من الاحتباك : حذف أولاً البغض وملهكهم وإن لدلالة الحب عليه، وحذف ثانياً الثبات لدلالة الردة عليه ؛ ثم علل ذلك بقوله :( يجاهدون ) أي يوقعون الجهاد على الاستمرار لمن يستحقه من غير ملال ولا تكلف كالمنافقين، وحذف المفعول تعميماً ودل عليه مؤذناً بأن الطاعة محيطة بهم فقال :( في سبيل الله ) أي طريق الملك الأعظ الواسع المستقيم الواضح، لا لشيء غير ذلك كالمنافقين.
ولما كان المنافقون يخرجون في الجهاد، فصلهم منهم بقوله :( ولا ) أي والحال أنهم لا ) يخافون لومة ) أي واحدة من لوم ) لائم ( وإن كانت عظيمة وكان هو عظيماً، نهي عن المنكر - كانوا كالمسامير المحماة، لا يروِّعهم قول قائل ولا اعتراض معترض، ويفعلون في الجهاد في ذلك جميع ما تصل قدرتهم وتبلغ قوتهم إليه من إنكال الأعداء وإهانتهم ومناصرة الأولياء ومعاضدتهم، وليسوا كالمنافقين يخافون لومة أوليائهم من اليهود فلا يفعلون وإن كانوا مع المؤمنين شيئاً ينكيهم.
ولما كانت هذه الأوصاف من العلو في رتب المدح بمكان لا يلحق، قال مشيراً إليها بأداة البعد واسم المذكر :( ذلك ) أي الذي تقدم من أوصافهم العالية ) فضل الله ) أي الحاوي لكل كمال ) يؤتيه ) أي الله لأنه خالق لجميع أفعال العباد ) من يشاء ) أي فليبذل الإنسان كل الجهد في طاعته لينظر إليه هذا النظر برحمته ) والله ) أي الذي له الإحاطة الكاملة ) واسع ) أي محيط بجميع أوصاف الكمال، فهو يعطي من سعة ليس