صفحة رقم ٤٨٥
ولما كان التقدير : فمن يتول غيرهم فأولئك حزب الشيطان، وحزب الشيطان هم الخاسرون، عطف عليه :( ومن يتول الله ) أي يجتهد في ولاية الذي له مجامع العز ) ورسوله ( الذي خُلقه القرآن ) والذين آمنوا ( وأعاد ذكر من خص الولاية بهم تبركاً بأسمائهم وتصريحاً بالمقصود، فإنم الغالبون - هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر ما شرفهم به ترغيباً لهم في ولايته فقال :( فإن حزب الله ) أي القوم الذين يجمعهم على ما يرضي الملك الأعلى ما حزبهم أي اشتد عليهم فيه ) هم الغالبون ) أي لا غيرهم، بل غيرهم مغلوبون، ثم إلى النار محشورون، لأنهم حزب الشيطان.
ولما نبه سبحانه على العلل المانعة من ولاية الكفار وحصر الولاية فيه سبحانه، أنتج ذلك قطعاً قوله منبهاً على علل أخرى موجهاً للبراءة منهم :( ياأيها الذين آمنوا ) أي أقروا بالإيمان، ونبه بصيغة الافتعال على أن من يوالهم يجاهد عقله على ذلك اتباعاً لهواه فقال :( لا تتخذوا الذين اتخذوا ) أي بغاية الجد والاجتهاد منهم ) دينكم ) أي الذي شرفكم الله به ) هزواً ولعباً ( ثم بين المنهي عن موالاتهم بقوله :( من الذين ( ولما كان المقصود بهم منح العلم، وهو كاف من غير حاجة إلى تعيين المؤتي، بني للمجهول قوله :( أوتوا الكتاب ( ولما كان تطاول الزمان له تأثير فيما عليه الإنسان من طاعة أو عصيان، وكان الإيتاء المذكور لم يستغرق زمان القبل قال :( من قبلكم ( يعني أنهم فعلوا الهزو عناداً بعد تحققهم صحة الدين.
ولما خص عم فقال :( والكفار ) أي من عبدة الأوثان الذين لا علم لهم نُقِلَ عن الأنبياء، وإنما ستروا ما وضح لعقولهم من الأدلة فكانوا ضالين، وكذا غيرهم، سواء علم أنهم يستهزؤون أولا، كما أرشد إليه غير قراءة البصريين والكسائي بالنصب ) أولياء ) أي فإن الفريقين اجتمعوا على حسدكم وازدرائكم، فلا تصح لكم موالاتهم أصلاً.
ولما كان المستحق لموالاة شخص - إذا تركه ووالى غيره - يسعى في إهانته، حذرهم وقوعهم بموالاتهم على ضد مقصودهم فقال :( واقتوا الله ( من له الإحاطة الكاملة، فإن من والى غيره عاداه، ومن عاداه هلك هلاكاً لا يضار معه ) إن كنتم مؤمنين ) أي راسخين في الإيمان بحيث صار لكم جبلة وطبعاً، فإن لم تخافوه بان تتركوا ما نهاكم عنه فلا إيمان.
ولما عم في بيان استهزائهم جميع الدين، خص روحه وخالصته وسره فقال :( وإذا ناديتم ) أي دعا بعضكم الباقين إلى الإقبال إلى الندى وهو المجتمع، فأجابه