صفحة رقم ٥١٤
القدس ليس يغفر لهم إلى لأبد، بل يحل بهم العقاب الدائم، لأنهم يقولون : إن معه روحاً نجساً.
قال متى : من ليس معي فهو عليّ، ومن لا يجمع معي فهو يفرق، من أجل هذا أقول لكم : إن كل خطيئة وتجديف يترك للناس، والتجديف على روح القدس لا يترك، ومن يقل كلمة على ابن الإنسان يترك له، والذي يقول على روح القدس لا يترك له في هذا الدهر ولا في الآتي، إما أن تصيروا الشجرة الجيدة وثمرتها جيدة، وإما أن تصيروا الشجرة الرديئة وثمرتها رديئة، لأن من الثمرة تعرف الشجرة، يا أولاد الأفاعي كيف تقدرون أن تتكلموا بالصلاح وأنتم أشرار إنما يتكلم الفم من فضل ما في القلب، الرجل الصالح من كنزه الصالح يخرج الصلاح، والرجل الشرير من كنزه الشرير يخرج الشر، أقول لكم : إن كل كلمة يتكلم بها الناس بطالة يعطون عنها جواباً في يوم الدين، لأنك من كلامك تبرّر، وم كلامك يحكم عليك.
وفي إنجيل لوقا : وفيام هو يتكلم إذا رفعت امرأة من الجمع صوتها وقالت : طوبى لبطن التي حملتك، ولثدي التي أرضعتك، فقال لها : مهلاً طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه - انتهى.
لهم : الجيل الشرير الفاسق يطلب آية فلا يعطي آية إلا آية يونان النبي ؛ قال لوقا : فكما كان في يونان آية لأهل نينوى، كذلك يكون ابن الإنسان لهذا الجيل آية - انتهى.
رجال نينوى يقومون في الحكم ويحاكمون هذا الجيل، لأنهم تابوا بكريزة يونان - وقال لوقا : بإنذار يونان - وهاهنا أفضل من يونان ملكة التيمن تقوم في الحكم مع هذا الجيل وتحاكمه، لأنها أتت من أقصى الأرض لتسمع من حكمة سليمان، وههنا أفضل من سليمان، إن الروح النجس إذا خرج من الإنسان يأتي أمكنة ليس فيها ماء، يطلب راحة فلا يجد، فيقول حينئذ : أرجع إلى بيتي الذي خرجت منه، فيأتي فيجد المكان فارغاً مكنوساً مزيناً، فيذهب حينئذ ويأخذ معه سبعة أرواح أخر شراً منه ويأتي ويسكن هناك، فتصير آخرة ذلك الإنسان شراً من أوليته، وهكذا يكون لهذا الجيل الشرير - انتهى.
والتجديف هو الكفر بالنعم، ويونان : يونس عليه السلام، والكريزة - بينها لوقا بأنها الإنذار، والتيمن : اليمن، والأركون - بضم الهمزة والكاف بينهما راء مهملة ساكنة : الكبير، ويروشليم - بفتح التحانية وضم المهملة ثم شين معجمة : بيت المقدس، وباعل زبول - لا تصح أصلاً، وأما الدليل على عدم شركة كل من عيسى وأمه عليهما السلام بخصوصهما فسيأتي تقريره بقوله تعالى
٧٧ ( ) كانا يأكلان الطعام ( ) ٧
[ المائدة : ٧٥ ] والمراد من ذلك كله أنه متى دخلت الشركة أتى النقص فعلاً أو إمكاناً، ومن اعترته شائبة نقص لم يصح كونه إلهاً.
ولما أخبر أنهم كفروا، وأشار إلى نقض قولهم، كان أنسب الأشياء بعده أن يعطف عليه توهيبهم ثم ترغيبهم فقال تعالى :( وإن لم ينتهوا ) أي الكفرة بجميع أصنافهم ) عما يقولون ) أي من هاتين المقالتين وما داناهما ) ليمسن ) أي مباشرة من


الصفحة التالية
Icon