صفحة رقم ٥٣٦
يكفي عنها خبر واحد على سبيل الجمع ؛ ثم زاد في التنفير عنها تأكيداً لرجسيتها بقوله :( من عمل الشيطان ) أي المحترق البعيد، ثم صرح بما اقتضاه السياق من الاجتناب فقال :( فاجتنبوه ) أي تعمدوا أن تكونوا عنه في جانب آخر غير جانبه.
وأفرد لما تقدم من الحِكَم، ثم علل بما يفهم أنه لا فوز بشيء من المطالب مع مباشرتها فقال :( لعلكم تفلحون ) أي تظفرون بجميع مطالبكم، روى البخاري في التفسير عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :( لقد حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء ) وفي رواية :( نزل تحريم الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب ) وفي رواية عنه :( سمعت عمر على منبر النبي ( ﷺ ) يقول : أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة : من العنب - وفي رواية : من الزبيب - والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل ) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :( ما كان لنا خمر غير فضيخكم هذا، وإني لقائم أسقي أبا طلحة وفلاناً وفلاناً إذ جاء رجل فقال : حرمت الخمر، قالوا : أهرق هذه القلال يا أنس فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل ) وي رواية عنه :( حرمت علينا الخمر حين حرمت وما نجد خمر الأعناب إلا قليلاً، وعامة خمرنا البسر والتمر ) قال الأصبهاني : وذلك بعد غزوة الأحزاب بأيام.
ولما كانت حكمة النهي عن الأنصاب والأزلام قد تقدمت في أول السورة، وهي أنها فسق، اقتصر على بيان علة النهي عن الخمر والميسر إعلاماً بأنهما المقصودان بالذات، وإن كان الآخرينَ ما ضما إلا لتأكيد تحريم هذين - كما تقدم، لأن المخاطب أهل الإيمان، وقد كانوا مجتنبين لذينك، فقال مؤكداً لأن الإقلاع عما حصل التمادي في المرون عليه يحتاج إلى مثل ذلك :( إنما يريد الشيطان ) أي بتزيين الشرب والقمار لكم ) أن يوقع بينكم العداوة (.
ولما كانت العداوة قد تزول أسبابها، ذكر ما ينشأ عنها مما إذا استحكم تعسر أو