صفحة رقم ٥٥٥
والله اعمل عمل الحزمة فأوسع النظر حتى لا تترك أمراً يحتمل أن ينفعك ولا يضرك غلا أخذت به، ولا تدع أمراً يحتمل أن يضرك ولا ينفعك إلا تجتنبه، فإنك إن فعلت ذلك وغلبك القضاء والقدر لم نجد في وسعك أمراً تقول : لو أني فعلته أو تركته، ولكنك تقول : قدر الله وما شاء فعل، بخلاف ما إذا لم تنعم النظر وعملت عمل العجزة فإنك حتماً تقول : لو أني فعلت كذا وكذا، لأن الشيطان يفتح لك تلك الأبواب التي نظر فيها الحازم، فيكثر لك من ( لو ) لأنها مفتاح عمله، وليس في الآية ما يتعلق به من يتهاون في الأمر بالمعروف كما يفعله كثير من البطلة ؛ روى أحمد في المسند عن أبي عامر الأشعري رضي الله عنه ( أن النبي ( ﷺ ) قال له في أمر رآه :( يا أبا عامر ألا غيرت ؟ ( فتلا هذه الآية :( يا أيها الذين ىمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم (، فغضب رسول الله ( ﷺ ) وقال :( أين ذهبتم ؟ إنما هي لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم ( ) وروى أحمد وأصحاب السنن الأربعة والحارث وأحمد بن منيع وأبو يعلى ( أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال : يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها، وإني سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول :( إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه ( قال البغوي : وفي رواية :( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليستعملن الله عليكم شراركم فليسومونكم سوء العذاب، ثم ليدعون الله خياركم فلا يستجاب لكم ( ) والله الموفق.
ولما حكم الله تعالى - وهو الحكم العدل - أنه لا ضرر عليهم من غيرهم بشرط هداهم، وكان الكفار يعيرونهم، قال مؤكداً لما أخبر به ومقرراً لمعناه :( إلى الله ) أي الملك الأعظم الذي لا شريك له، لا إلى غيره ) مرجعكم ) أي أنتم ومن يعيركم ويهددكم وغيرهم من جميع الخلائق ) جميعاً فينبئكم ) أي يخبركم إخباراً عظيماً


الصفحة التالية
Icon