صفحة رقم ٦١٠
فما لك لا تتبعه ؟ فقال : أجدني أحسده وأحب الخمر، فكتب هوذة كتاباً وبعث إلى النبي ( ﷺ ) بهدية مكانه ذلك، وشعر به قومه فأتوه فهددوه، فرد الرسول واستمر على نصرانيته، فقال النبي ( ﷺ ) لما رجع إليه سليط :( با هوذة وباد ما في يده ) فلما انصرف النبي ( ﷺ ) من فتح مكة جاءه جبرئيل عليه السلام بأن هوذة مات، فقال النبي ( ﷺ ) :( أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدي )، فكان كذلك كما هو مشهور من أمر مسيلمة الكذاب، وبعث المهاجر بن أبي أمية المخزومي رضي الله عنه إلى الحارث بن عبد كلال الحميري ملك اليمن، فلما بلغه رسالة النبي ( ﷺ ) قال الحارث : قد كان هذا النبي عرض نفسه عليّ فخطئت عنه، وكان ذخراً لمن صار إليه، وسأنظر، وتباطأ به الحال إلى أن أسلم عند رجوع النبي ( ﷺ ) من تبوك سنة الوفود، وكاتب النبي ( ﷺ ) بذلك ؛ وبعث عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى جيفر وعبد ابني الجلندي الأزديين ملكي عمان، فتوقفا واضطرب رأيهما، ثم عزم الله لهما على الرشد فقال جيفر : إنه والله قد دلني على هذا النبي ( ﷺ ) الأمي أنه لا يأمر بخير إلاّ كان أول آخذ به، ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له، وأنه يغلب فلا يبطر، ويغلب فلا يفجر، وأنه يوفى بالعهد وينجز الوعد، ولا يزال يطع على سر قوم يساوي فيه أهله، وإني أشهد أنه رسول الله، وأسلم أخوه أيضاً، وكتبا إلى النبي ( ﷺ ) بإسلامهما، فقال خيراً وأثنى خيراً، وكان في سير هؤلاء الرسل لعمري غير ما ذكر أحاديث عجائب وأقاصيص غرائب من دلائل النبوة وأعلام الرسالة، خشيت من ذكرها الإطالة وأن تمل وإن لم يكن فيها ما يقتضي ملاله، وقد شفيت في شرحي لنظمي للسيرة باستيفائها القليل في ترتيب جميل ونظم أسلوبه لعمري جليل، هؤلاء رسل البشر، وأما الرسل من الجن فقد روى الطبراني في الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى :
٧٧ ( ) وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن ( ) ٧
[ الجن : ٢٩ ] قال : كانوا تسعة نفر من أهل نصيبين، فجعلهم رسول الله ( ﷺ ) رسلاً إلى قومهم ( قال الهيثمي : وفي سنده النضر أبو عمر