صفحة رقم ٦١٦
صريحة في إجماع الأمة كما ترى، ولم يعين الموضع الذي أحال عليه في النسخ الأخرى - فليطلب من مظانه ويتأمل، وأما النسفي فمختصر له - والله الموفق ؛ ثم رأيت في خطبة كتاب الإصابة في أسماء الصحابة لشيخنا حافظ عصره أبي الفضل بن حجر في تعريف الصحابي : وقد نقل الإمام فخر الدين في أسرار التنزيل الإجماع على أنه ( ﷺ ) لم يكن مرسلاً إلى الملائكة، ونوزع في هذا النقل، بل رجح الشيخ تقي الدين السبكي أنه كان مرسلاً إليهم واحتج بأشياء يطول شرحها - انتهى.
والعجب من الرازي في نقل هذا الذي لا يوجد لغيره مع أنه قال في اسرار التنزيل في أواخر الفصل الثاني من الباب الثالث في الاستدلال بخلق الآدمي على وجود الخالق : الوجه الرابع - أي في تكريم بني آدم - أنه جعل أباهم رسولاً إلى الملائكة حيث قال
٧٧ ( ) أنبئهم باسمائهم ( ) ٧
[ البقرة : ٣١ ] وقد تقرر أن كل كرامة كانت لنبي من الأنبياء فلنبينا ( ﷺ ) مثلها أو أعظم منها، وقال في تفسيره الكبير في
٧٧ ( ) وعلم آدم الأسماء ( ) ٧
[ البقرة : ٣١ ] : ولا يبعد أيضاً أن يكون مبعوثاً إلى من يوجه التحذير إليهم من الملائكة، لأن جميعهم وإن كانوا رسلاً فقد يجوز الإرسال إلى الرسول لبعثة إبراهيم إلى لوط عليهما السلام - انتهى.
وأنت خبير بأمر عيسى عليه السلام بعد نزوله من السماء، والحاصل أن رسالته ( ﷺ ) إليهم صلوات الله عليهم - رتبة فاضلة ودرجة عالية كاملة جائزة له، لائقة بمنصبه، مطابقة لما ورد من القواطع لعموم رسالته وشمول دعوته، وقد دلت على حيازته لها ظواهر الكتاب والسنة مع أنه لا يلزم من إثباتها له إشكال في الدين ولا محذور في الإعتقاد، فليس لنا التجريء على نفيها إلا بقاطع كما قال إمامنا الشافعي رحمه الله في كتاب الرسالة في آية الأنعام
٧٧ ( ) قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً ( ) ٧
[ الأنعام : ١٤٥ ] قال : فاحتملت معنيين : أحدهما أن لا يحرم على طاعم يطعمه أبداً إلا ما استثنى الله عز وجل، وهذا المعنى الذي إذا وُوجه رجل مخاطباً به كان الذي يسبق إليه أنه لا يحرم عليه غير ما سمى الله عز وجل محرماً، وما كان هكذا فهو الذي يقال له أظهر المعاني وأعمها وأغلبها والذي لو احتملت الآية معاني سواه - كان هو المعنى الذي يلزم أهل العلم القول به إلا أن تأتي سنة للنبي ( ﷺ ) - بأبي هو وأمي - تدل على معنى غيره مما تحتمله الآية، فنقول : هذا معنى ما أراد الله عزّ وجلّ، ولا يقال بخاص في كتاب الله ولا سنة إلا بدلالة فيهما أو في واحد منهما، ولا يقال بخاص حتى تكون الآية تحتمل أن تكون أريد بها ذلك الخاص، فأما ما لم تكن محتملة له فلا يقال فيها بما لا تحتمل الآية - انتهى.
وشرحه الإمام أبو محمد بن حزم في المحلى فقال : ولا يحل لأحد أن يقول في آية أو في خبر : هذا منسوخ أو مخصوص في بعض ما يقتضيه ظاهر لفظه، ولا أن لهذا النص تأويلاً غير