صفحة رقم ٦٢
الاتكال، ووقع لأجله الاشتباه في الحزبين، جعل لذلك سبحانه وتعالى علامه فقال :- وقال الحرالي : لما كان أعظم ما يترامى إليه مقامات السالكين إلى الله سبحانه وتعالى القاصدين إليه من مبدإ حال الذكر الذي هو منتهى المقامات العشر المترتبة في قوله سبحانه وتعالى ) إن المسلمين ( محبة الله سبحانه وتعالى بما أن المحبة وصلة خفية يعرف الحاس بها كنهها، أقام سبحانه وتعالى الحجة على المترامين لدعوى القرب من الله والادعاء في أصل ما يصل إليه القول من محبته بما أنبأنهم أن من انتهى إلى أن يحب الله سبحانه وتعالى فليتبع هذا النبي الذي أحبه الله سبحانه وتعالى فمن اتبعه أحبه الله، فقامت بذلك الحجة على كل قاصد وسالك ومتقرب، فإن نهاية الخلق أن يحبوا الله، وعناية الحق أن يحب العبد، فرد سبحانه وتعالى جميع من أحاط به الاصطفاء والاجتباء والاختصاص، ووجههم إلى وجهة الاتباع لحبيبه الذي أحبه، كما قال ( ﷺ ) ( لو أن موسى بين أظهركم ما وسعه إلا اتباعي ) وإذا كان ذلك في موسى عليه الصلاة والسلام كان في المنتحلين لملته ألزم بما هم متبعون لمتبعه عندهم، وأصل ذلك أنه ( ﷺ ) لما كان في في الأبد وجب أن يكون النهاية في المعاد، فألزم الله سبحانه وتعالى على الخليقة ممن أحب الله سبحانه وتعالى أن يتبعوه، وأجرى ذلك على لسان إشعاراً بما في الخير والوصول إلى الله سبحانه وتعالى من حيث إنه نبي البشرى، وليكون ذلك أكظم لمن أبى اتباعه - انتهى، فقال سبحانه وتعالى - :( قل إن كنتم تحبون الله ) أي المحيط بصفات الكمال مخلصين في حبه لاعتقاد أنه على غاية الكمال، فإن الكمال محبوب لذاته ) فاتبعوني ( قال الحرالي : قد فسر ( ﷺ ) ظاهر اتباعه فقال ( في البر ) وأصل حقيقة الإيمان بالله والإيثار لعباده، والتقوى وهي ملاك الأمر واصل الخير، وهي إطراح استغناء العبد بشيء من شأنه، لا من مٍلك ولا من مُلك ولا من فعل ولا من وصف ولا من ذات حتى يكون عنده كما هو عند ربه في أزله قبل أن يكون موجوداً لنفسه ليكون أمره كله بربه في وجوده كما كان أمره بربه قبل وجوده لنفسه، وقد فسر حق التقاة التي هي غاية التقوى بأن يكون العبد يشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، ويطيع فلا يعصى - انتهى