صفحة رقم ٦٥
المحفوف باللطف من الله سبحانه وتعالة والرحمة من رسول الله - انتهى.
و ) تولوا ( يحتمل المضارع والمضي، فكان الأصل في الكلام :( فإن الله ( الذي له الغنى المطلق لا يحبكم، أو : لا يحبهم، ولكنه أظهر الوصف المعلم بأن التولي كفر فقال :( لا يحب الكافرين ( قال الحرالي : أفرد لله لما كان وعيداً، إبقاء لرسوله ( ﷺ ) في حيز الرحمة.
ولما نفي عمن تولى أن يحبه كان في إشعارة أن هذا الكفر عموم كفر يداخل رتباً من الإيمان من حيث نفي عنه الحب فنفي منه ما يناله العفو أو المغفرة والرحمة ونحو ذلك بحسب رتب تناقص الكفر، لأنه كفر دون كفر، ومن فيه كفر فهو غير مستوفي اتباع الرسول بما أنه الماحي الذي يمحو الله به الكفر، وإنما يحب الله من اتبع رسوله، فعاد الختم في الخطاب إلى إشعار م معنى أوله وفي إلاحته أن حب الله للعبد بحسب توحيده، فكلما كان أكمل توحيداً كان أحب، وما سقط عن رتبة أدنى التوحيد الذي هو محل الأمر بطاعة الله سبحانه وتعالى ورسوله ( ﷺ ) كان كفراً بحسب ما يغطى على تلك الرتبة من التوحيد، لأن هذه السورة سورة إلهية إيمانية حبية توحيدية، فخطابها مخصوص بما يجري في حكم ذلك من الإيمان والكفر والمحكم والمتشابه وكشف غطاء الأعين ورفع حجب القلوب - انتهى.
وقد وضح أن الآية من الاحتباك - فأصل نظمها : فإن تولوا فإن الله لا يحبهم لكفرانهم، وإن أقبلوا فإن الله يحبهم لإيمانهم، فإن الله لا يحب الكافرين والله يحب المؤمنين - إثبات التولية في الأول يدل على حذف الإقبال من الثاني، إثبات الكراهة في الثاني يدل على حذف مثلها في الأول.
ولما كان الأصفياء أخص من مطلق الأحباب بين بعض الأصفياء وما أكرمهم به تصديقاً لقوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الشريف ( فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجلهالتي يمشي بها ) تنبيهاَ لوفد نصارى نجران وغيرهم على أنه مثل ما اصطفى لنفسه ديناً اصطفى للتخلق به ناساً يحبونه ويطيعونه ويوالون أولياءه ويعادون أعداءه، وليسوا من صفات الكافرين في شيء فقال - أو يقال : إنه سبحانه وتعهالى لما شبه أفعاله في التشابه وغيره بأقواله وعرف أن الطريق القوم رد المشتابه منها إلى الواضح المحكم والالتجاء في كشف المشكل إليه