صفحة رقم ٦٥١
مبالغة لأنهم لم يكونوا ينكرون قدرته إنما كانوا يدعون المشاركة التي نفاها بالتخصيص، على أن التعريف يفيد به المبالغة ) على أن يبعث ) أي في أيّ وقت يريده ) عليكم ) أي في كل حالة ) عذاباً من فوقكم ( بإسقاط السماء قطعاً أو شيء منها كالحجارة التي حصب بها قوم لوط وأصحاب الفيل أو بتسليط أكابركم ) أو من تحت أرجلكم ) أي بالخسف أو إثارة الحيات أو غيرها من الأرض كما وقع لبعض من سلف، أو بتسليط سفلتكم وعبيدكم عليكم ) أو يلبسكم ) أي يخلط بينكم حال كونكم ) شيعاً ) أي متفرقين، كل شيعة على هوى، فيكون ذلك سبباً للسيف ) ويذيق بعضكم ) أي بعض تلك الشيع ) بأس بعض ( فيساوي في ذلك بين الحرم وغيره، ويصير التخطف بالنهب والغارات عاماً، وسوق هذا الكلام هكذا يفهم إيقاعه في وقت ما لناس ما، لأن كلام الملوك يصان عن أن لا يكون له صورة توجد وإن كان على سبيل الشرط ونحوه، فكيف بملك الملوك علام الغيوب وللتدريب على مثل هذا الفهم في كلام الله تعالى قال النبي ( ﷺ ) فيما رواه الترمذي في التفسير عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه :( أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد ) وقال : حسن غريب، وسيأتي لهذا مزيد بسط وتحقيق في قوله تعالى في الفرقان
٧٧ ( ) تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك ( ) ٧
[ الفرقان : ١٠ ].
ولما كان هذا بياناً عظيماً، أشار إلى عظمه بقوله :( انظر ( وعظمه تعظيماً آخر بالاستفهام فقال ) كيف نصرف الآيات ) أي أي نكررها موجهة في جميع الوجوه البديعة النافعة البليغة ) لعلهم يفقهون ) أي ليكون حالهم حال من يرجى فهمه وانتفاعه به، كان هذا ) و ( الحال أنه ) كذب به ) أي هذا العذاب أو القرآن المشتمل على الوعد والوعيد والأسباب المبينة للخلق جميع ما ينفعهم ليلزموه وما يضرهم ليحذروه ) قومك ) أي الذين من حقهم أن يقوموا بجميع أمرك ويسروا بسيادتك، فإن القبيلة إذا ساد أحدها عزت به، فإن عزه عزها وشرفه شرفها، ولا سيما إذا كان من بيت الشرف ومعدن السيادة، وإذا سفل أحدها اهتمت به غاية الاهتمام وسترت عيوبه مهما أمكنها فإن عاره لاحق بها، فهو من عظيم التوبيخ لهم ودقيق التقريع، وزاد ذلك بقوله :