صفحة رقم ٧
عنه : أين الله ؟ فيقول : في السماء، إلى حد أن يقول : فوق العرش، فذلك الصمد الذي أنبأ عنه اسمه ) إله ( الذي أنزل فيه إلزام الإخلاص والتوحيد منذ عبدت في الأرض الأصنام، فلذلك نضم توحيد اسمه الإله بأحدية مسمى هو من اسمه العظيم ( الله )، ورجع عليه باسم المضمر الذي هو في جبلات الأنفس وغرائز القلوب الذي تجده غيباً في بواطنها فتقول فيه : هو، فكان هذا الخطاب مبدوءاً بالاسم العظيم المظهر منتهياً إلى الاسم المضمر، كما كان خطاب
٧٧ ( ) قل هو الله أحد ( ) ٧
[ الإخلاص : ١ ] مبدوؤاً بالاسم المضمر منتهياً إلى الاسم العظيم المظهر، وكذلك أيضاً اسم الله الأعظم في سورة
٧٧ ( ) قل هو الله أحد ( ) ٧
[ الإخلاص : ١ ] كما هو في هذه الفاتحة.
ولما كان لبادي الخلق افتقار إلى قوام لا يثبت طرفة عين دون قوامه كان القوام البادي آيته هي الحياة فما حيي ثبت وما مات فني وهلك ؛ انتهى ولما كان المتفرد بالملك من أهل الدنيا يموت قال :( الحي ) أي الحياة الحقيقية التي لا موت معها.
ولما كان الحي قد يحتاج في التدبير إلى وزير لعجزه عن الكفاية بنفسه في جميع الأعمال قال :( القيوم ( إعلاماً بأن به قيام كل شيء وهو قلئم على كل شيء.
قال الحرالي : فكما أن الحياة بنفخة من روح أمره فكل متماسك على صورته حي بقيوميته انتهى.
وفي وصفه بذلك إعلام بأنه قادر على نصر جنده وإعزاز دينه وعون وليه، وحث على مراقبته بجهاد أعدائه ودوام الخضوع لديه والضراعة اليه.
ولما كان من معنى القيوم أنه المدبر للمصالح اتصل به الأعلام بتنزيل ما يتضمن ذلك، وهو الكتاب المذكور في قوله :
٧٧ ( ) بما أنزل أليه من ربه ( ) ٧
[ البقرة : ٢٨٥ ] والكتب المذكورة في أول البقرة في قوله :
٧٧ ( ) بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ( ) ٧
[ البقرة : ٤ ] وفي آخرها بقوله
٧٧ ( ) وكتبه ورسله ( ) ٧
[ لبقرة : ٢٨٥ ] التي من جملتها التوراة والإنجيل اللذان فيهما الآصار المرفوعة عنا، ثم شرح بعده أمر التصوير في الأحشاء، وذلك لأن المصالح قسمان : روحانية وجسمانية، وأشرف المصالح الروحانية العلم الذي هو الروح كالروح للبدن فإنها تصير به مرآة مجلوة ينجلي فيها صور الحقائق، وأشرف المصالح الجسمانية تعديل المزاج وتسوية البنية في أحسن هيئة، وقدم الروحانية المتكفل بها الكتاب لأنها أشرف.
ولما كانت مادة ( كتب ) دائرة على معنى الجمع عبر بالتنزيل الذي معناه التفريق لتشمل هذه الجملة على وجازتها من أمره على إجمال وتفصيل فقال : وقال الحرالي : ولما كانت إحاطة الكتاب أي في البقرة ابتداء وأعقبها أي في أول السورة إحاطة الإلهية جاء هذا الخطاب رداً عليه، فتنزل من الإحاطة الإلهية إلى الأحاطة الكتابية بالتنزيل الذي هو تدرج من رتبة إلى رتبة دونها ؛ انتهى فقال :( نزّل ) أي شيئاً فشيئاً