صفحة رقم ٧٨
لذلك، فهو إخبار عن آخر أمره الذي أدت إليه عزيمته، والآية مشيرة إلى ما اقتضته خلقته وغريزته وإن كان الجمع لكمال الوجود الإنساني بالنكاح أكمل كما وقع لنبينا ( ﷺ ) ويقع لعيسى عليه السلام بعد نزوله ) وقد ) أي والحال أنه قد ) بلغني الكبر ( إلى حد لا يولد فيه عادة ) وامرأتى عاقر ( قال الحرالي : من العقر وهو البلوغ إلى حد انقطاع النسل هرماً - انتهى ؛ كذا قال، وآية سورة مريم تدل على أن المعنى أنها لم تزل عقيماً، وعليه يدل كلام أهل اللغة، قال في القاموس في الراء : العقرة وتضم : العقم، وقد عُقرت كعُنى فهي عاقر، ورجل عاقر وعقير : لا يولد له ولد، والعُقَرة كهمزة : خرزة تحملها المرأة لئلا تلد، وقال في الملم : العقم بالضم : هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد، عقمت كفرح ونصر وكرم وعُنى، ورحم عقيم وامرأة عقيم ورجل عقيم : لا يولد له، وقال الإمامان أبو عبد الله القزاز في ديوانه وعبد الحق في واعيه : والعقر بضم العين وسكون القاف مصدر العاقر من النساء وهي التي لا تحمل من غير داء ولا كبر، يقال : الإمام أبو غالب ( ابن التياني ) في كتابه الموعب صاحب [ تلقيح ] العين : العقر مصدر العاقر من النساء وهي التي لا تحمل من غير داء ولا كبر، لكن خلقة، ثم قال وتعقرت : إذا ولدت ثم أمسكت - والله الموفق.
ثم وصل به قوله :( قال كذلك ) أي مثل هذا الفعل الجليل البعيد الرتبة.
ولما كان استنباؤه عن القوة والكمال لا عن الخلق عبر سبحانه في تعليل ذلك بالفعل بخلاف ما يأتي في قصة مريم عليها السلام فقال :( الله يفعل ما يشاء ( لأنه المحيط بكل شيء قدرة وعلماً فكأنه قيل : قد قرت عينه فا قال ؟ قيل ) قال ( إرادة تعجيل البشرى وتحقيق السراء :( رب اجعل لي آية ) أي علامة أعلم بها ذلك ) قال آيتك ألا تكلم الناس ) أي لا تقدر على أن تكلمهم بكلام دنيوي ) ثلاثة أيام ( ولما كان الكلام يطلق على الفعل مجازاً استثنى منه قوله :( إلا رمزاً ( لتخلص هذه المدة للذكر شكراً على النعمة فاحمد ربك على ذلك.
قال الحرالي : والرمز تلطف في الإفهام بإشارة تحرك طرف كاليد واللحظ والشفتين ونحوها، والغمز أشد منه باليد ونحوها - انتهى.
فعدم الكلام مع صحة آلته دليل إيجاد المتكلم مع ضعف آلته إلى حد لا يتكون عنها عادة، ولما كان الأتم في القدرة أن يحبس عن كلام دون آخر قال :