صفحة رقم ٨١
شعيب عليهما السلام إذ جاءه يهنئه بما أنعم الله عليه بعد غرق فرعون : فخرج موسى يتلقى خنته وسجد له وقبله وسأل كل منهما عن سلامة صاحبه ؛ وفيه : وقال الله سبحانه وتعالى لموسى عليه الصلاة والسلام عند ما بشره بقتل الكنعانيين وغيرهم من سكان بلاد والقدس : لا تسجدوا لآلهتهم ولا تعبدوها ولا تفعلوا كأفعالهم - بل كبهم كباً على وجوههم وكسر أصنامهم - واعبدوا الرب إلهكم، وفي أوائل السفر الثالث في ذكر ظهور مجد الرب لهم في قبة الزمان التي كانوا يصلون إليها على حياة موسى عليه الصلاة والسلام : وعاين ذلك جميع الشعب وحمدوا الله سبحانه وتعالى وخر الشعب كله على وجهه، وفي الرابع عندما هم بنو إسرائيل بالرجوع إلى مصر تضجراً من حالهم : فخر موسى وهارون عليهما السلام على وجوههما ساجدين بين يدي جماعة بني إسرائيل كلها ؛ وفيه : وكلم الرب موسى وهارون وقال لهما : تنحيا عن هذه الجماعة لأني مهلكها، فخرا ساجدين على وجوههما ؛ وفيه عندما تذمروا عليه من أجل العطش : فجاء موسى وهارون من عند الجماعة إلى باب قبة الزمان فخرا على وجوههما فظهر لهما مجد الرب - فذكر قصة ضرب الحجر بالعصا وانفجار الماء ؛ وفيه في قصة بلعام بن باعور حين رأى ملكاً في طريقه فجثا على وجهه ساجداً.
وأما إطلاق لفظ الصلاة فقال في آخر لاسفر الثاني : وكان إذا خرج موسى عليه الصلاة والسلام إلى قبة الزمان كان جميع الشعب يقفون ويستعد كل امرىء منهم على باب خيمته، وينظرون إلى موسى عليه الصلاة والسلام من خلفه حتى يدخل إلى القبة، وإذا دخل موسى القبة كان ينزل عمود السحاب فيقف على باب القبة، ويكلم موسى وكان جميع الشعب ينظرون إلى عمود السحاب واقفاً على باب القبة وكان يقف جميع الشعب ويصلي كل امرىء منهم على باب خيمته ؛ وفيه : وعمل سطلاً من نحاس فنصبه عند منظر النسوة اللاتي يأتين فيصلين على باب قبة الأمد.
وكل ما فيها من ذكر الصلاة فهكذا يطلق لفظه غير مقرون بما يرشد إلى كيفية، فلا فائدة في سرده ؛ وهذا القبة أمر الله سبحانه وتعالى موسى عليه الصلاة والسلام باتخاذها مظهر المجد وأن يجعلها كهيئة الغمام الذي ظهر له مجده تعالى فيه في جبل طور سيناء، وهي من غرائب الدهر في الارتفاع والسعة والهيئة، ففيها من الخشب والبيوت والتوابيت والأعمدة والجواهر وصفائح الذهب والفضة والنحاس والسرداقات والستور من الحرير والأرجوان والكتاب والأطناب وغير ذلك مما يكل عنه الوصف، وكله بنص نم الله سبحانه وتعالى على الطول والعرض والوزن والمحل بحيث إنه كان فيها من صفائح الذهب ومساميره ونحوها تسعة وعشرون قنطاراً وأربعمائة وثلاثون مثقالاً