صفحة رقم ٨٩
بالضد، وإما أن يكون إشارة إلى أنه ملازم للنجاسة فهو بحيث لا ينفك - ولو مسح - عن الاحتياج إلى التطهير بالمسح من الدهن الذي يمسح به المذنبون ومن كان به برص ونحوه فيبرأ - والله سبحانه وتعالى أعلم.
ولما وصفه بهذا الوصف الشريف ذكر اسمه فقال ) عيسى ( وبين أنه يكون منها وحدها من غير ذكر بقوله موضع ابنك :( ابن مريم ( وذلك أنفى لما ضل به من ضل في مره، وأوضح في تقرير مقصود السورة وفي تفخيم هذا الذكر بجعله نفس الكلمة وبإبهامه أولاً ثم تفسيره، وقوله :( اسمه ( تعظيم لقدره وبيان لفضله على يحيى عليهما السلام حيث لم يجعل له في البشارة به مثل هذا الذكر، ثم أتم لها البشارة بأوصاف جعلها أحوالاً دالة على أنه يظهر اتصافه بها حال الولادة تحقيقاً لظهور أثر الكلمة عليه فقال :( وجيهاً ( قال الحرالي : صيغة مبالغة مما منه الوجاهة، وأصل معناه الوجه وهو الملاحظ المحترم بعلو ظاهر فيه - انتهى ) في الدنيا ( ولما كان ذلك قد لا يلازم الوجاهة بعد الموت قال :( والآخرة ( ولما كانت الوجاهة ثمَّ مختلفة ذكر أعلاها عاطفاً بالواو إشارة إلى تمكنه في الصفات فقال :( ومن المقربين ( ي عند الله.
ولما كان ذلك قد لا يقتضي خرق العادات قال :( ويكلم الناس ) أي من كلمه من جميع هذا النوع، بأي لسان كان كلمه، حال كونه ) في المهد ( قال الحرالي : هو موطن الهدوء والسكون للمتحسس اللطيف الذي يكون بذلك السكون والهدو قوامه - انتهى.
وبشرها بطول حياتها بقوله :( وكهلاً ) أي بعد نزوله من السماء في خاتمة اليوم المحمدي، ويكون كلامه في الحالتين كلام الأنبياء من غير تفاوت.
قال الحرالي : والكهولة سن من أسنان أرابيع الإنسان، وتحقيق حده أنه الربع الثالث الموتر لشفع متقدم سنيه من الصبا والشباب فهو يخر عمره، يكون فيمن عمره ألف شهر - بضع وثمانون سنة - من حد نيف وأربعين إلى بضع وستين، إذا قسم الأرباع لكل ربع إجدى وعشرون سنة صباً، وإحدى وعشرون شباباً، وإحدى وعشرون كهولة، وإحدى وعشرون شيوخة، فذلك بضع وثمانون سنة - انتهى.
وهذا تحقيق ما اختلف من كلام أهل اللغة، وقريب منه قول الإمام أبي منصور عبد الملك بن أحمد الثعالبي في الباب الرابع عشر من كتابه فقه اللغة : ثم ما ادم بين الثلاثين والأربعين فهو شاب، ثم كهل إلى أن يستوفي الستين ؛ ويقال : شاب الرجل، ثم شمط، ثم شاخ، ثم كبر -