صفحة رقم ٩١
مضى مقدمات لها :( ورسولاً ( عطفاً على ( تالياً ) المقدر، أو ينصب بتقدير : يجعله ) إلى بني إسراءيل ) أي بالإنجيل.
ولما كان ذكر الرسالة موجباً لتوقع الآية دلالة على صحتها، وكان من شأن الرسول مخاطبة المرسل إليهم وإقباله بجميع رسالته عليهم اتبعه ببيان الرسالة مقروناً بحرف التوقع فقال :( أني ) أي ذاكراً أني ) قد جئتكم بآية من ربكم ) أي الذي طال إحسانه إليكم، ثم أبدل من ( آية ) ) إني أخلق لكم ) أي لأجل تربيتكم بصنائع الله ) من الطين ( قال الحرالي : هو متخمر الماء والتراب حيث يصير متهيئاً لقبول وقع الصورة فيه ) كهيئة ( وهي كيفية وضع أعضاء الصورة بعضها من بعض التي يدركها ظاهر الحسن - انتهى وهي الصورة المتهيئة لما يراد منها ) الطير ( ثم ذكر احتياجه في إحيائه إلى معالجة بقوله معقباً للتصوير :( فأنفخ ( قال الحرالي : من النفخ، وهو إرسال الهواء من منبعثه بقوة انتهى.
) فيه ) أي في ذلك الذي هو مثل الهيئة ) فيكون طيراً ) أي طائراً بالفعل - كما في قراءة نافع، وذكر المعالجة لئلا يتوهم أنه خالق حقيقة، ثم أكد ذلك إزالة لجميع الشبه بقوله :( بإذن الله ) أي بتمكين الملك الأعظم الذي له جميع صفات الكمال، له روح كامل لحمله في الهواء تذكيراً بخلق آدم عليه السلام من تراب، وإشارة إلى أن هذا أعجب من خلق آدمي من أنثى فقط فلا تهلكوا في ذلك.
ولما ذكر ما يشبه أمر آدم عليه السلام أتبعه علاج أجساد أولاده بما ردها إلى معتادها بما يعجز أهل زمانه، وكان الغلب عليهم الطب وبدأ بأجزائها فقال :( وأبرىء ( قال الحرالي : من الإبراء وهو تمام التخلص من الداء، والداء ما يوهن القوى ويغير الأفعال العامة للطبع والاختيار - انتهى.
) الأكمه والأبرص ( بإيجاد ما فقد نمهاما من الروح المعنوي ؛ والكمه - قال الحرايل - ذهاب البصر في اصل معناه : تلمع الشيء بلمع خلاف ما هو عليه، ومنه براص الأرض - ليقع لا نبت فيها، ومنه البريص في معنى البصيص، فما تلمع من الجلد على غير حاله فهو لذلك برص وقال الحرالي : البرص عبارة عن سور مزاج يحصل بسببه تكرج، أي فساد بلغم يضعف القوة المغيرة عن إحالته إلى لون الجسد - انتهى.
ولما فرغ من رد الأرواح إلى جزاء الجسم أتبعه رد الروح الكامل في جميعه المحقق لأمر البَعث المصور له بإخراجه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة في بعض الآدميين فقال :( وأحي الموتى ( ي برد أرواحهم إلى أشباحهم، بعضهم بالفعل وبعضهم بالقوة، لأن الذي أقدرني على البعض قادر على ذلك في الكل، وقد أعطاني


الصفحة التالية
Icon