صفحة رقم ١٢١
العجل، ومع ذلك وقع منهم العصيان بطلب ما لا ينبغي لهم من الرؤية على وجه التعنت، فقال :( واختار ) أي اجتهد في أخذ الخيار ) موسى قومه ( ثم أبدل منهم قوله :( سبعين رجلاً ( إشارة إلى أن من عداهم عدم، لا يطلق عليهم اسم القوم في المعنى الذي أراده، وهونحو ما قال النبي ( ﷺ ) فيما أخرجه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما ( الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة ) ثم ذكر علة الاختيار فقال :( لميقاتنا ) أي فما أختار إلا من رأى أنه يصلح لما نريد من عظمتنا في الوقت الذي حددناه له، ودنا بهم من الحضرة الخطابية في الجبل هو وهارون عليهما السلام، واستخلف على بني إسرائيل يوشع بن نونة عليه السلام، كل ذلك عن امر الله له، وفي هذا الكلام عطف على قوله
٧٧ ( ) ووعدنا موسى ثالثين ليلة ( ) ٧
[ الأعراف : ١٤٢ ] فيكون الميقات هو الأول وهو ظلاهر التوارة كما مر بيانه في البقرة، ويجوز ان يكون عطفاً على قوله
٧٧ ( ) واتخذ قوم موسى ( ) ٧
[ الأعراف : ١٤٨ ] أو على قوله
٧٧ ( ) أخذ الأولواح ( ) ٧
[ الأعراف : ١٥٤ ] وحينئذ يكون هذا الميقات غير الميقات الأول، ويؤيده ما نقل من أن هارون عليه السلام كان معهم، وكأنهم لما سمعوا كلام الله طلب بعضهم الرؤية جاعليها شرطاً لإيمانهم فقالوا :
٧٧ ( ) لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ( ) ٧
[ البقرة : ٥٥ ] كما فعل النقباء الاثنا عشر حين أرسلهم لجس أحوال الجبارين فنقص أكثرهم، فأخذتهم الرجفة فماتوا فخشى موسى عليه السلام ان يتهمه بنو إسرائيل في موتهم كنفس واحدة ) فلما اخذتهم ) أي أخذ قهر وغلبة ) الرجفة ) أي التي سببتها الصاعقة التي تقدمت في البقرة، فزلزلت قلوبهم فأماتتهم، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن هؤلاء غير السبعين الذين قالوا
٧٧ ( ) أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة ( ) ٧
[ النساء : ١٥٣ ] وأن أولئك كانوا قبل هؤلاء، فالظاهر أن سبب الرجفة ما رأوا عند سماع الكلام من جلال الله وعظيم هيبته من الغمام الذي تغشي الجبل والقتار والبروق واصوات القرون وغير ذلك بخحيث كادت الرجفة - وهي رعدة - تفرق اوصالهم بعضها من بعض ) قال ) أي موسى تملقاً لربه سبحانه ) رب ) أي أيها المحسن إليّ ) لو شئت اهلكتهم ) أي أمتّهم ولما لم يكن إهلاكهم مستغرقاً للماضي، أخل الجارفقال :( من قبل وإياي ) أي قدرتك عليّ وعليهم قبل أن نقترب من هذه الحضرة المقدسة ونحن بحضرة قومنا كقدرتك علينا حين تشرفنا بها، وقد أسبلت علينا ذيل عفوك واسبغت علينا نعمتك


الصفحة التالية
Icon