صفحة رقم ١٢٦
لك يانبي الله ما خصك الله به فنظر مغضباً وقال : أوإياي أراد الله بهذا يا ذكي ما أفدتك إذن البراهين الهندسية، فقلت : يابني الله فمن أراد الله بهذا ؟ قال : الذي أراد في قوله : هوفيع ميهار فاران، وتفسيره إشارة إلى نبوة وعد بنزولها على جبال فاران، فعرفت أنه يعني المصطفى ( ﷺ )، لأنه المبعوث من جبال فاران وهي جبال مكة، ثم قال : أو ما عملت ان الله لم يبعثني بنسخ شيء من التوارة، وإنما بعثني أذكرهم بها واحيي شرائعها واخلصهم من أهل فلسطين، فلت بلى يابني الله قال : فأي حاجة بهم إلى أن يوصيهم بقبول نبوة دانيال أو يرميا أو حزقيل ؟ قلت : لا لعمري فأخذ الكتاب من يدي وانصراف مغضباً فارتعبت لغضبه وازدجرت لموعظته واستيقظت مذعوراً. قال في كتابه غاية المقصود في الرد على النصارى واليهود : إن الله يطلق الإخوة على غير بني إسرائيل كما قال في بني العيص بن إسحاق عليه السلام في الجزء الأول من السفر الخامس ما تفسره : أنتم عابرون في تخم إخوتكم بني العيص فإذا كانوا بنوالعيص إخوة لبني إسرائيل لأن العيص وإسرائيل ولدا إسحاق، فكذلك بنو إسماعيل إخوة على غير إبراهيم عليهم السلام، قال : وفي الجزء الثالث من السفر الأول من التوراة في ذكر البشارة لإبراهيم عليه السلام ما تفسره : وأما في إسماعيل فقد قبلت دعاءك، هاقد باركت فيه واثمره واكثره جداً جداً وقال : إن جداً جداً بلسان العبراني مفسر ( بما ماد ) وهاتان الكلمتان إذا عددنا حروفها بحساب الجمل كان اثنتين وتسعين، وذلك عدد حساب حروف اسم محمد ( ﷺ ) يعني فتعين أن يكون مراداً بها لأنها في البشارة بتكثير إسماعيل عليه السلام، وليس في أولاده من كثره الله به وعدد اسمه هذا العدد غير محمد ( ﷺ )، قال : وإنما جعل ذلك في هذا الموضع ملغزاً، لأنه لو صرح به لبدلته اليهود أو أسقطته من التوراة كما عملوا في غيره - انتهى.
وفي آخرة فصول التوارة : دعا موسى عبد الله لبني إسرائيل قبل وفاته قال : أتى ربنا من سيناء وشرق لنا من جبل ساعير وظهر لنا من جبل - وفي نسخة : جبال فاران، معه ربوات الأطهار على يمينه، أعطاهم وحببهم إلى الشعوب وبارك على جميع اطهار - وهم يتبعون آثارك ويتناقلون كلماتك.
وفي نسخة بدل : معه ربوات الأطهار - إلى آخره : واتى من ربوات القدس بشريعة نوره من يمنه لهم، واصفى ايضاً شعباً فجيع خواصه في طاعتك وهم يقفون آثارك وسيتناقلون كلماتك انتهى.
فالذي ظهر من جبال فاران هو محمد ( ﷺ )، لأنهم معترفون أنها مكة، ومهخ ربوات، أي جماعات الأطهار، وأمته حببت إلى الشعوب، لأن كلاَّ من فريقي أهل الكتاب يقدمهم على الفريق الآخر، ولم يقبل أحد جميع كلام موسى عليه السلام